تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الامثال في السنة النبوية

الامثال في السنة النبوية

بسم الله الرحمان الرحيمو الصلاة و السلام على أشرف المرسليننبينا محمد صلى الله عليه وسلم

كُلُّ مَعْرُوْفٍ صَدَقَةٌ

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ – رضي الله عنهما – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ »(1).

شرح المفردات(2):
( معروف ) المعروف في اصطلاح الشارع ما عرف حسنه بالشرع، وبإزائه المنكر وهو ما أنكره وحرمه كذا قال القاضي، وقال الراغب : المعروف اسم لكل ما عرف حسنه بالشرع والعقل معا.
(صدقة ) أي له حكمها في الثواب.

من فوائد الحديث(3):

1- الحث على فعل الخير مهما أمكن، وأنه لا ينبغي للمسلم أن يحتقر شيئا من المعروف.
2- قال الماوردي: المعروف نوعان: قول، وعمل؛ فالقول: طيب الكلام وحسن البشر، والتودد بجميل القول، والباعث عليه حسن الخلق ورقة الطبع، والعمل: بذل الجاه، والإسعاف بالنفس، والمعونة في النائبة، والباعث عليه حب الخير للناس وإيثار الصلاح لهم، وهذه الأمور تعود بنفعين نفع على فاعلها في اكتساب الأجر وجميل الذكر، ونفع على المعان بها في التخفيف والمساعدة فلذلك سماه هنا صدقة(4).
3- يسر الشريعة واستيعابها للناس كافة؛ ففعل المعروف وتحصيل الثواب لا يختص بأهل اليسار بل كل مسلم قادر على أن يفعل أنواعاً من المعروف؛ من ذكر وتسبيح ودعاء، ونصيحة، وأمر بمعروف ونهي عن منكر، وإرشاد ضال، ومواساة محزون إلى غير ذلك من صنوف المعروف.
4- على المسلم أن يجتهد في فعل المعروف مما يستطيعه ولا يشق عليه، فبفعل المعروف يطيب عيشه، وتطمئن نفسه، وتتوثق صلته بمن حوله، مع ماله إن صلحت نيته من الأجر الجزيل والثواب العظيم.

4 أفكار بشأن “الامثال في السنة النبوية”

  1. كفَى بالمرءِ إثماً أنْ يُضيّعَ مَن يقُوتُ

    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ » رواه أحمد أبو داود(1).


    وهو عند مسلم بلفظ « كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ » (2).

    شرح المفردات(3):
    ( يقوت) أي: من يلزمه قوته، والقوت ما يقوت البدن ويكف عن الحاجة.

    من فوائد الحديث(4):
    1- وجوب الإنفاق على الأهل والأولاد والمماليك، لأن الشارع رتب الإثم على تضييع نفقتهم.
    2- أن النفقة على هؤلاء أفضل من سائر وجوه الإنفاق؛ وذلك لأن الإنفاق على هؤلاء فرض عين، والإنفاق على من سواهم فرض كفاية أو تطوع، وفرض العين أفضل وألزم من فرض الكفاية ومن التطوع.
    3- أن على المسلم أن يبدأ بالنفقة الواجبة عليه؛ ومنها النفقة على الزوجة والأولاد والمملوكين ، ثم له بعد ذلك أن يتصدق.

    4- مشروعية العمل والكسب حتى ينفق على نفسه وعلى من يعول ممن تلزمه نفقتهم.



  2. الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ "(1).

    شرح المفردات(2):
    (الغنى) أي: أن الغنى النافع أو العظيم أو الممدوح هو غنى النفس.

    من فوائد الحديث(3):
    1- قال ابن بطال:" معنى الحديث ليس حقيقة الغنى كثرة المال، لأن كثيراً ممن وسع الله عليه في المال لا يقنع بما أوتي فهو يجتهد في الازدياد ولا يبالي من أين يأتيه ، فكأنه فقير لشدة حرصه ، وإنما حقيقة الغنى غنى النفس ، وهو من استغنى بما أوتي، وقنع به ورضي ولم يحرص على الازدياد ولا ألح في الطلب ، فكأنه غني".
    2- قال القرطبي : المرء إذا استغنت نفسه كفت عن المطامع فعزت وعظمت، وحصل لها من الحظوة والنزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى الذي يناله من يكون فقير النفس لحرصه فإنه يورطه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال لدناءة همته وبخله، ويكثر من يذمه من الناس، ويصغر قدره عندهم فيكون أحقر من كل حقير وأذل من كل ذليل.
    3- أن الفقر والغنى ابتلاء من الله يختبر بهما عباده في الشكر والصبر كما قال تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) وقال تعالى: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً).

    4- على المسلم أن يصبر عند الشدة؛ فلا يتسخط أو يضجر، بل يكون راضياً بقضاء الله وقدره عليه، فإن ذلك يورثه الطمأنينة في قلبه، والراحة في نفسه.
    5- أنه لا حرج على المسلم من طلب المال واكتسابه من طرقه المباحة؛ ليقضي به مصالحه، وينفق منه على من يعول، ويبذل ما تيسر منه في سبل الخير المختلفة، ولكن المحذور هو في طلبه من كل طريق بلا تمييز بين الحلال والحرام، أو أن يبالغ في السعي في تحصيله فيضيع الوجبات والفرائض من أجل الازدياد منه.



  3. الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى

    عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ – رضي الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: « الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ »(1).
    وفي صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ: « الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى وَالْيَدُ الْعُلْيَا الْمُنْفِقَةُ وَالسُّفْلَى السَّائِلَةُ »(2).
    شرح المفردات(3 ):
    (عن ظهر غنى) أي زائداً، والمعنى: أفضل الصدقة ما أخرجه الإنسان من ماله بعد أن يستبقي منه قدر الكفاية.

    من فوائد الحديث(4 ):

    1– في الحديث حض على الصدقة؛ لأن اليد العليا يد المتصدق، والسفلى يد السائل، والمعطِي مفضل على المعطى، والمفضل خير من المفضل عليه.
    2- أن أفضل الصدقة ما وقع من غير محتاج إلى ما يتصدق به لنفسه أو لمن تلزمه نفقته.
    3- أن على المسلم أن يبدأ بالنفقة الواجبة عليه؛ ومنها النفقة على الزوجة والأولاد، ثم له بعد ذلك أن يتصدق.
    4- في الحديث التوجيه إلى الابتداء بالأهم فالأهم في الأمور الشرعية.
    5- الندب إلى التعفف عن المسألة، والترفع عن سؤال الناس.
    6- مشروعية السعي في اكتساب المال حتى ينفق على نفسه وعلى من يعول، وليكون لديه بعد ذلك ما ينفقه في وجوه الخير والبر، فيكون من أهل اليد العليا.



  4. الْحَيَاءُ خَيْرٌكُلُّهُ

    عنأَبي قَتَادَةَ حَدَّثَ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي رَهْطٍمِنَّا وَفِينَا بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ فَحَدَّثَنَا عِمْرَانُ يَوْمَئِذٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْحَيَاءُ خَيْرٌكُلُّهُ، – أَوْ قَالَ -: الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْر) (1).


    شرح المفردات:
    (الْحَيَاءُ) الحياء انقباض يجده الإنسان في نفسه يحمله على عدم ملابسة ما يعاب به ويستقبح منه.
    (خَيْرٌ) الخير هو الذي يرغب فيه كل أحد، وهو شامل لكل ما يحمد من الأقوال والأفعال.
    من فوائد الحديث(2):
    1- فضيلة الحياء وعلو منزلته لأنه خلق يبعث على اجتناب القبيح ، ويمنع من التقصير أداء الحقوق لأهلها.
    2- قال الماوردي– رحمه الله- " اعلم أن الحياء في الإنسان قد يكون من ثلاثة أوجه:
    أحدها : حياؤه من الله تعالى .
    والثاني : حياؤه من الناس .
    والثالث : حياؤه من نفسه .
    فأما حياؤه من الله تعالى فيكون بامتثال أوامره والكف عن زواجره، وأما حياؤه من الناس فيكون بكف الأذى وترك المجاهرة بالقبيح…، وأما حياؤه من نفسه فيكون بالعفة وصيانة الخلوات،… فمتى كمل حياء الإنسان من وجوهه الثلاثة ، فقد كملت فيه أسباب الخير، وانتفت عنه أسباب الشر ، وصار بالفضل مشهوراً ، وبالجميل مذكوراً (3).

    3- قال العلماء: إنما كان الحياء بهذه المنزلة لأنه الداعي إلى سائر شعب الإيمان؛ فإن الْحَيّ يخاف فضيحة الدنيا والآخرة فينزجر عن المعاصي ويمتثل الطاعات كلها.
    فائدة
    قال النووي – رحمه الله-" وأما كون الحياء خيراً كله ، ولا يأتي إلا بخير فقد يشكل على بعض الناس من حيث إن صاحب الحياء قد يستحيي أن يواجه بالحق من يجله ، فيترك أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر . وقد يحمله الحياء على الإخلال ببعض الحقوق وغير ذلك مما هو معروف في العادة . وجواب هذا ما أجاب به جماعة من الأئمة منهم الشيخ أبو عمرو بن الصلاح – رحمه الله – أن هذا المانع الذي ذكرناه ليس بحياء حقيقة بل هو عجز وخور ومهانة، وإنما تسميته حياءً من إطلاق بعض أهل العرف أطلقوه مجازاً لمشابهته الحياء الحقيقي، وإنما حقيقة الحياء خلق يبعث على ترك القبيح ، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق ، ونحو هذا" (4).



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.