بسم الله الرحمان الرحيمو الصلاة و السلام على أشرف المرسليننبينا محمد صلى الله عليه وسلم
اهلين بنات ديرتي
حبيت ايمع لكم مجموعة قيمة من كتابات المتخصص في الادارة محمد النغيمش بالقبس.. وكلها امور واقعيه وفعلا تساعدنا في طرق التعامل في الدوام كل يوم اقرولكم جزء.. وطبقو ولاحظو.. ماراح تندمون صدقوني
اترككم مع كتاباته
اهلين بنات ديرتي
حبيت ايمع لكم مجموعة قيمة من كتابات المتخصص في الادارة محمد النغيمش بالقبس.. وكلها امور واقعيه وفعلا تساعدنا في طرق التعامل في الدوام كل يوم اقرولكم جزء.. وطبقو ولاحظو.. ماراح تندمون صدقوني
اترككم مع كتاباته
عندما يكون المدير ذا قيمة مضافة الى عمله ويشيع الخير فيه نسميه ‘مفتاحا للخير’. والخير بجميع درجاته هو ما يتوقعه الموظفون من المدير -بطبيعة الحال- وليس زرع الفتنة والتآمر بينهم فيكون بذلك ‘مفتاحا للشر’ حيث يضر المدير نفسه قبل ان يؤذي الآخرين.
من الصور التي تجعل المدير يفتح على نفسه وعلى زملائه ابواب الشر مثلا ان يحرض بعضهم على زرع الفتنة والشقاق، بتعزيزه سلوك ‘القيل والقال’ والسماح لهم بان ينالوا من بعضهم البعض سواء بالغيبة او النميمة في الاجتماع، مقتنصين لحظات غياب زملائهم. والاصل في المدير الا يسمح بالنيل من زميل غير متواجد، ليطبق مبدا العدالة، ويضمن حقه الغائب في الرد. وهذا الامر ليس مثاليا وانما اداء اداري في قمة الروعة.
الشقاق بين الموظفين
كما ان عدم تهاون المسؤولين مع مسألة انتقام الموظفين من بعضهم البعض لفظيا، يساعد على بث روح الاحترام والشفافية في التعامل بين الموظفين، فكثير ما نسمع ان الدنيا قامت ولم تقعد لان موظفا او موظفة طعنت في مجهود زميلتها امام زملائها او مسؤولها فوجدت نفسها مضطرة الى الانتقام بطريقة مماثلة. وتكرار هذه المواقف لاشك انه يوتر اجواء العمل.
وكثيرا ما اسمع عن مديرين يرسلون ‘عيونهم’، وهم موظفون يعينونهم ليس لكفاءتهم وانما لولائهم المستميت للمدير. فهم مستعدون للتجسس لصالحه مهما كلفهم الامر، ولا يتوانون عن فعل اي امر يطلبه المدير حتى ان بعض الموظفات مستعدة للتنازل عن اعز ما تملك لتظفر بمحبة المدير!
ومن الامور التي تؤجج اجواء العمل عدم وضع الموظف المناسب في المكان المناسب، فيحدث الصدام بين الموظفين والمدير (غير المناسب) فينصرفون عن اداء عملهم ويتفرغون لتصيد الاخطاء. وقد تحدث موجة استقالات جماعية، حتى ان تمتعت المنظمة بالحد الادنى من المميزات التي يحتاج اليها الموظف.
مفتاح الخير
اما صور ممارسة المدير للخير فلا حصر لها. اذ يمكن ان يكون المدير مفتاحا للخير، مثلا، عندما يعزز بدوره اي سلوك ايجابي يأتي به الموظفين او يقترحونه. فالمدير لا يستطيع ان يقوم بكل شيء منفردا، ما لم يجد مساعدة من مرؤوسيه. ومن هذه المبادرات ان يقبل باصلاح ذات البين، خصوصا اذا كان بين المدير وأحد الموظفين تنافر طرأ اخيرا على علاقاتهما. فلا يكون عنيدا ويصر على رأيه بل يتغاضي عن الاساءة ويحسن الظن بالموظفين، في الحدود المعقولة. ولا يقتصر اصلاح ذات البين على ادارته، بل يكون المدير واسطة خير بين نظرائه في الادارات الاخرى، فيرطب الاجواء بلباقة بين المتخاصمين، حتى وان اضطر الى ممارسة ‘الكذب’ لانه محمود في هذا الموضع، كان يقول ان ‘فلانا مدح فيك كذا وكذا’ او ‘يشكرك على هذا وذاك’ وذلك على سبيل التقريب بين الاثنين. واذا لم يبادر احد بلعب هذا الدور الخيري المهم، فان اعمالنا ستكون جحيما لا يطاق، فما اكثر الشد والجذب والتنافر بين الموظفين بسبب اختلاف البيئات والتربية والمستوى التعليمي احيانا.
ابتسامة ود
ومن اجمل ما يمكن ان يشيعه المدير في عمله ‘ابتسامته الودودة’ الصادقة نحو جميع الموظفين من دون محاباة. ولا ننسى ان العاملين يمكنهم ان يفرقوا بين الابتسامة الطبيعية العفوية وبين الابتسامة الصفراء المصطنعة التي ترسل رسالة سلبية، ولا شيء غير ذلك. وقد يقول قائل كيف اتبسم وانا اكره فلانا او لا احبه، والاجابة اننا (جميعا) نحتاج الى تنقية يومية لقلوبنا ومراجعة لطريقة تفكيرنا، بان نحسن الظن بالآخر ونلتمس له سبعين عذرا عندما يمارس سلوكا يبدو لنا سلبيا.
ومعلوم ان خير الابتسامة متعد الى العملاء ايضا، فيشعرون بالراحة وهو ينظرون الى محيا المديرين والموظفين هاشين باشين، يستقبلونهم بوداعة وترحاب. وعندما تصبح الابتسامة عادة حميدة للموظف فان ذلك يضفي جوا من القبول الصادق ويعزز من ولاء العملاء، كما اظهرت بعض الدراسات. واذا كان المدير يمارس الابتسامة بصدق فسوف يشجع ذلك الموظفين على اتباعه.
الموظفون مرآة رئيسهم. فعندما ينظرون اليه، يفترض ان يروا فيه المثال الحسن الذين يجدر بهم ان يحذوا حذوه، في كل امور الخير الممكن ممارستها في العمل، لا ان يكون لهم مثال سلبي في ممارسة الشر الذي يصدع جدار العلاقات الاجتماعية في العمل، ويعيق عملية الانتاج فيه
محاولة فهم شخصية محدثنا في العمل تساعدنا على حسن الانصات اليه. لذا يعتبر المنصت الفطن من يحاول الاصغاء جيدا الى زملاء العمل اثناء حواراتهم، خصوصا اذا كان حديث عهد بهم، ذلك ليفهم طبيعة انصاتهم فلا يتورط بالدخول معهم في نقاش عقيم، او نقاش هو ابعد ما يكون عن اصول الحوار الراقي، لسبب بسيط هو افتقارهم لركائز الانصات الجيد. وما اكثر ما نسمع عن مشكلة كثير من اولئك الذين يحتكرون الحديث او يتجاهلون (او يسفهون احيانا) الرأي الاخر، الامر الذي يفسد متعة الحوار والتعلم في بيئة العمل. ويمكننا بسهولة التعرف على اسلوب المتحدث في الانصات عبر طرح موضوع عام ومباشر عليه، كأن نسأله عن حالة الطقس، او نطرح عليه اسئلة متعلقة بعمله لكي نستمع الى اكبر قدر ممكن. وهنا نتعرف الى مدى تفاعله او مقاطعته لحديثنا، وهل يكره الانتقاد او يصر على رأيه وهو ما اسميناه ‘الياءات الاربعة’، التي تعد مؤشرات مهمة تكشف لنا جانبا لا يستهان به من شخصية المتحدثين. معرفة ‘الياءات الاربعة’ في شخصية زملاء العمل وطريقة التعامل معها تساعدنا على حسن الانصات اليهم. كما ان ادراك هذه المؤشرات الاربعة المهمة في عملية الانصات تجعلنا نتفادى امورا يكرهها محاورونا، وفي ذلك ضمان عملي لحوار هادئ وبناء في العمل وما احوجنا جميعا الى هذا.
* كاتب متخصص في الادارة
يقاطع
لا يمكن ان يكون الفرد منصتا جيدا وهو كثير المقاطعات في الوقت نفسه. لذا يتطلب الامر ان يلاحظ زملاء العمل او المدير الفرد الذي سيخوضون معه في نقاش ما: هل ينصت الى الآخرين حتى يفرغوا من كلامهم ام يقاطعهم باستمرار؟ فلو كان كثير المقاطعات، يمكننا تنبيهه بلباقة ان يتوقف عن تكرار مقاطعاته. ويكون ذلك، مثلا، بأن نتوقف للحظة عن الحديث (من دون ان نكمل الفكرة) كلما شرع محدثنا في مقاطعة جديدة، وندعه يتحدث ونستمع اليه. ومع تكرار هذه الطريقة سيلاحظ -بدرجة او باخرى- ان مقاطعاته المتكررة تقطع حبل افكارنا وتعيقنا عن الاسترسال المريح في الحديث. واذا لم تفلح معه هذه الطريقة، يمكننا ان نطلب منه، بابتسامة عفوية، ان يمهلنا لحظات كي نكمل الفكرة او المعلومة المراد ايصالها، في حين يمنحنا هو آذانه الصاغية.
ولا ننسى ان هناك اشخاصا يصعب ان تغير سلوكهم كلمات منمقة او ايماءات جسدية محددة. هؤلاء من الاجدر تركهم حتى يفضفضوا ويفرغوا ما بجعبتهم، ثم نحاول اقتناص اللحظات التي يتوقفون فيها لنوصل اليهم، وبسرعة، ردودنا المباشرة والمقتضبة. قد يصف البعض حوارا كهذا بأنه غير صحي او عديم الجدوى، لكن لا مانع من مواصلة الحوار، خصوصا اذا كان مهما، لتمرير ما امكن من افكار ومعلومات مهمة الى الموظفين او المديرين في العمل.
يصر على رأيه
معلوم ان اصرار الفرد على رأيه يفسد للحوار حلاوته. ولتفادي هذه المشكلة يفضل ان نشعره بأننا نقف الى جانبه، ولسنا خصومه في الحوار. يكون ذلك من خلال مدح محدثنا، فالانسان يحب المديح بطبعه، وان تظاهر بخلاف ذلك. والمقصود بالمديح هو مدح ما يستحق من نقاط جيدة يثيرها المتحدث، لما يبعثه ذلك من راحة وقبول. وما اكثر ما ننسى هذا النوع من المديح اثناء حواراتنا بالعمل رغم اهميته في جعل المتحدث اكثر هدوءا في نقاشه وتفاعلا معنا بآذانه الصاغية، لانه يشعر بأن الآخر بدأ يفهمه، على الاقل.
ومن الامور التي تجعل المتحدث لا يصر على رأيه ان نوجه اليه كلمات ايجابية، من حين لآخر. مثل: ‘احترم رأيك’ او ‘وجهة نظرة جيدة’ او ‘اتفق معك في هذه الجزئية’ او ‘فكرتك ممتازة لكن ما رأيك بكذا…’. هذه الكلمات او العبارات لها وقع ايجابي على المتحدث، وهي مؤشر على ان الطرف الآخر لا يخالفه الرأي، ولا داعي لان يواجهنا بالاصرار على رأيه.
يكره الانتقاد
بعض الناس لا يتحملون الانتقاد. فالانتقاد بشكل عام صفة لا يحبها كثير من الناس، وقد يعود السبب في ذلك الى ان كثيرا من تجارب الطفولة غالبا ما تعود جذورها الى الانتقاد بشكل او بآخر. كأن يستقبلنا اولياء امورنا بوابل من التوبيخ او اللوم او العتاب، عندما نرتكب خطأ ما. وهذه الاقاويل تطبع صورا سلبية في أذهاننا. والمثال الآخر ان يسألنا احد الوالدين: ‘لماذا لم تنم مبكرا؟’ او ‘لماذا لم تفرش اسنانك؟’ او ‘لا تكثر من تناول الشوكولاته المضرة’. ولأننا جميعا واجهنا هذا الانتقاد في صبانا، حري بنا تجنب انتقاد من نتحدث اليهم -قدر الامكان- حتى لا ينفر منا زملاء العمل ويعرضون عن الانصات الينا، بسبب هذا النقد المباشر. ولا ننسى اننا جميعا معرضون للخطأ. اما لمواجهة انتقادات لاذعة، فلنكف عن النقد السلبي المباشر، خصوصا امام الآخرين، لكي نجد آذانا صاغية العمل. بعض الموظفين او المديرين الواثقين من انفسهم يعتبرون الانتقاد نصيحة، خصوصا اذا كان مهذبا وفي الوقت المناسب. فنجدهم ينصتون باهتمام الى كل كلمة لان في ذلك تطويرا لهم ولقدراتهم بخلاف المديح او الثناء اللذين يجعلاننا نعيش حالة من النشوة والسعادة، التي لا تغير شيئا من سلوكنا السلبي.
يتفاعل
من اكبر الاخطاء التي نتعرض لها في العمل هو الدخول في حوار مع احد الزملاء لا يرغب اصلا في التحدث. بعض الناس مهما كانت المواضيع التي نطرحها عليهم شيقة او مهمة، الا اننا لا نجد تفاعلا يذكر من قبلهم، والغريب اننا نصر على اقحامهم في الحوار، وتكون النتيجة التظاهر بالانصات او يستمعون على مضض وربما بتململ وهو امر يفضي الى حوار غير صحي. وعدم تفاعل زملاء العمل له اسباب عديدة بعضها مرتبط بحجم الضغط الذي يواجهونه في العمل، او بعضها بسبب مشكلة عائلية خاصة او نفسية مثلا. ولكي نقيس ‘درجة تفاعل’ الآخرين معنا، قد يجدي التفرس في تعابيرهم بداية الحديث في توقع درجة تفاعل معينة. واذا وجدنا قبولا او تفاعلا، نواصل الحديث، اما اذا بدا لنا عدم اهتمام، فمن الافضل تغيير الموضوع او مناقشته مع شخص آخر اكثر اهتماما. ولنتذكر ان متابعة نظرات المتحدث وايماءاته يعطينا مؤشرا على مدى تفاعله، فكلما قلت حركته وحركة العينين، كلما دل ذلك ان الشخص بدأ يتفاعل، والعكس صحيح. اذ اثبتت الدراسات ان هناك علاقة وثيقة بين قلة حركة رمش العين ودرجة التركيز.
الحوافز الاجتماعية تؤثر إيجابا في الإنتاج .. أكثر من العوامل المادية
احتار العالم الاداري الشهير التون مايو في معرفة ما اذا كان للعوامل المادية مثل ساعات العمل او الراحة او الارهاق او تغيير مستوى الاضاءة دور فعال في رفع انتاجية العاملين من عدمه. فعزم مع ثلة من الباحثين معه في جامعة هارفارد على التحقق من هذه المسألة، باجراء تجارب على احد المصانع ليتوصلوا الى نظرية ادارية مهمة، ساهمت فيما بعد باضافة مدخل جديد في علم الادارة يهتم بالجانب الانساني والاجتماعي في التعامل مع الموظفين.
التشجيع المادي
التجربة بدات برفع مستوى الاضاءة في مصنع هاوثورن التابع لشركة ويسترن الكتريك، لقياس تأثير ذلك على مستوى الانتاجية. فتبين ان الاخيرة ارتفعت بشكل ملحوظ. وعندما تم خفض مستوى الاضاءة، كانت النتيجة مدهشة للباحثين اذ وجدوا ان الانتاجية ارتفعت اكثر من الحالة السابقة. فاستدلوا على ان العامل المادي (الاضاءة) ليس له تأثير مباشر في الانتاجية، اذ كانت الانتاجية ترتفع في الحالتين، طوال فترة الدراسة والتجارب.
وعندما سأل الباحثون العاملين عن السبب، صارحوهم بانهم بدأوا يشعرون بارتياح نفسي كبير وهم يشاهدون جدية ادارة المصنع والباحثين في الاهتمام بهم، خصوصا عندما عرفوا ان اهداف الدراسة نبيلة وتصب في مصلحتهم. وتم فيما بعد اطلاق مصطلح على هذه التجربة وهو ‘تأثير هاوثورن’awthorn Effect اي تأثير هذه التجربة في سلوك الناس.
واجريت تجارب مماثلة بادخال عوامل مادية اخرى مثل تأثير ساعات العمل والراحة والارهاق وطرق العمل لمعرفة دورها في زيادة الانتاجية، لكن التجارب لم تصل الى تأكيد يثبت تأثيرا مباشرا واساسيا لهذه العوامل في الانتاجية، بل وصلت الى النتائج ذاتها (في دراسة الاضاءة)، وهي ان احساس العاملين باهتمام الادارة هو ما أثر في الانتاجية وليس العوامل المادية.
الحوافز الاجتماعية
اما عندما حاول الباحثون قياس تاثير العوامل الاجتماعية (مثل: القيادة، والحوافز الشفهية، ومنح سلطات اشرافية) في الانتاجية وجدوا نتائج مغايرة مقارنة بتجربة ‘العناصر المادية’ التي تطرقنا اليها اعلاه، اذ رأوا تأثيرا واضحا للعوامل الاجتماعية في انتاجية الموظفين، بمجرد ان منحوا سلطات اشرافية اكبر وادوارا قيادية اكثر فضلا عن الحوافز الاجتماعية الشفهية. وخلص الباحثون الى ان العوامل الاجتماعية ومشاعر الناس وحاجتهم الاجتماعية لها تأثير واضح في انتاجيتهم.
ونتيجة لهذه التجارب وغيرها، بدأ ما يسمى ‘بالمدخل السلوكي’ في الادارة يقوى، في الخمسينات والستينات، بعدما نشر هؤلاء الباحثون نتائج بحوثهم وتجاربهم. مما احدث تجاوبا ملحوظا من قبل المهتمين والشركات. وبفضل تجاربهم، صار اليوم الاهتمام بسلوك الموظف والجانب الانساني لديه امرا في غاية الاهمية، ويدرس في جميع تخصصات الادارة في العالم. ومن يدري، فلولا هذه المبادرة لصار الموظف اليوم مثل الآلة التي تستهلك من دون اي مراعاة لطاقتها او مشاعرها واحاسيسها.
هؤلاء الرواد سطروا لنا خلاصة آرائهم في مبادئ مهمة طالبوا ارباب الاعمال ان يراعوها ليحصلوا على افضل عائد من الموظفين. ومن هذه المبادئ ان الناس يتأثرون ‘بعلاقاتهم الاجتماعية’ اكثر من تأثرهم بانظمة العمل والرقابة المفروضة من المنظمة. واكدوا ان الناس يختلفون في حاجاتهم وانه من الضروري اشباع هذه الحاجات لكي تبرز طاقاتهم الكامنة.
ومن اروع ما توصل اليه الباحثون انفسهم مبدأ انساني، في غاية الاهمية، وهو يدور حول فلك ‘احسان الظن بالموظف’، ومفاده ان ‘لدى الناس قدرا مناسبا من الشعور بالانضباط الذاتي، وان اساليب الرقابة والاشراف المباشر يمكنها ان تؤذي هذا الشعور، ومن الافضل ان تكون الرقابة او الاشراف غير مباشر وذلك لتعميق الاحساس بالانضباط الذاتي’. وخلاصة الموضوع ان للعوامل الاجتماعية او الانسانية (مثل: القيادة، والحوافز الشفهية، ومنح سلطات اشرافية اوسع) دورا كبيرا في رفع انتاجية الموظفين وليس العوامل المادية مثل ساعات العمل او الراحة او الاجهاد او تغيير مستوى الاضاءة، رغم ان الماديات تبقى مهمة، لكنها ليست سببا اساسيا في رفع الانتاجية.
العوامل المادية مطلوبة
صحيح ان بحث التون مايو Elton Mayo اظهر ان للعوامل الاجتماعية او الانسانية دورا جليا في زيادة الانتاجية بخلاف العوامل المادية. لكن هذا لا يعني تجاهل العوامل المادية، لانها اصبحت من ضروريات العصر ومتطلباته، حيث ان كثرة التزامات الموظفين وتعدد اهدافهم الحياتية والاجتماعية وارتفاع معدلات التضخم يؤكد ضرورة عدم اغفال الجانب المادي. فما فائدة ‘اهتمام الادارة’ بالموظفين وهي لا تمنحهم الحد الادنى المقبول من العوائد المادية المتعارف عليها في مجال العمل او القطاع نفسه!
‘استراتيجية دبي’ مثال للعمل الإداري..الحذق
يقول احد التجار الكويتيين انه سأل مسؤولا في حكومة دبي ‘الى اين تسير هذه الامارة؟’. فاستأذنه المسؤول لثوان، ثم دخل وهو يحمل معه ملفا كبيرا كتب فيه كل ما تريد دبي تحقيقه في الخمسين سنة المقبلة! وهذا باختصار ما يسمى ‘تخطيط استراتيجي’ بحت.
تذكرت هذه القصة، التي رويت لي، وانا اقرأ ملامح ‘استراتيجية دبي’ التي نشرتها صحيفة البيان الاماراتية، في كتيب خاص، التي تعكس بالفعل اصول التخطيط الاستراتيجي السليم في الادارة. واخترنا تسليط الضوء على هذا الامارة ليس مدحا فيها، بل لكونها مثالا واقعيا يمكن للقارئ ان يصدقه، حيث يرى بأم عينه انعكاسات هذه الخطة على ارض الواقع. وللعلم نحن لا نقصد هنا ‘تقييم’ تجربة دبي – فهذا شرح يطول مقامه- لكننا بصدد مقارنة ‘ملامح’ هذه الرؤية الاستراتيجية الممتدة حتى عام 2015، مع اسس التخطيط الاستراتيجي في الادارة.
خطة منهجية
هذه الامارة الصغيرة ابت الا ان تضع لها خطة منهجية واضحة المعالم، بغض النظر عما يجري من عدم اكتراث من بعض الدول النامية. اذ وضعت لها ‘رؤية’ وهي بعلم الادارة تعني: ‘صورة ذهنية منشودة’. ويمكن لاي شخص تخيلها، حيث تشرح بوضوح ما سيكون عليه حال دبي خلال العشر سنوات المقبلة. وكما هو معروف فان وضع الرؤية هو الخطوة الاولى التي تسبق عملية التخطيط الاستراتيجي، الذي هو عبارة عن ‘قرارات واجراءات عمل’ لبلوغ هذه الرؤية.
وعملا بمبدأ اداري مهم وهو الوضوح في الاستراتيجية، قسمت دبي رؤيتها الاستراتيجية الى 5 محاور رئيسية هي: التنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، والبنية التحتية والاراضي والبيئة، والامن والعدل والسلامة، ولم تنس محورا رئيسيا يغفل عنه كثير من الدول العربية وهو ‘التميز الحكومي’. ذلك ان هذا المحور هو الذي يتوقف عليه مدى نجاح اي استراتيجية حكومية في العالم، لان العاملين في الحكومة هم من سينفذون الاستراتيجية، وعليه فلابد من ان يكون اداء الافراد واجراءات العمل متماشيا مع طبيعة الرؤية الاستراتيجية.
والملاحظ ان دبي لم تتبن ما يسمى في عالم الاعمال بسياسة ‘اعادة اكتشاف العجلة’ او Reinventing the wheel، بل سارت على خطى سابقيها في هذا المضمار واستفادة من تجاربهم كي لا تبدأ من الصفر. وهو في حد ذاته امر مهم لبلوغ الاهداف المرجوة في زمن قياسي. وليس هناك قيادة في العالم لديها ‘عصى موسى’ تحقق من خلالها ما تصبو اليه من دون الاعتماد ولو جزئيا على جهود الاوائل.
منافسة الدول المتقدمة
معلوم انه اذا لم تسجل اي استراتيجية نتائج عملية ملموسة فانها تضيع الوقت والجهد، وهو ما تدركه جيدا القيادة في دبي. اذ اظهرت مؤشرات النمو الاقتصادي ارتفاعا كبيرا خلال الاعوام مابين 2000- 2018 بمعدل نمو حقيقي للناتج المحلي الاجمالي يفوق 13 في المائة، وهو اعلى معدل في دول مجلس التعاون الخليجي. وبحسب تقرير ‘ملامح استراتيجية دبي’ الصادر عن صحيفة البيان، فان معدل النمو الاقتصادي في دبي فاق هذا المعدل في دول نامية كبرى مثل الهند والصين بل وبعض الاقتصاديات المتقدمة مثل ايرلندا وسنغافورة والولايات المتحدة.
وتسعى دبي من خلال خطتها الى تحقيق هدف استراتيجي اقتصادي محدد وهو المحافظة على معدل نمو حقيقي للناتج الاجمالي المحلي معدله 11 في المائة خلال السنوات العشر المقبلة، ورفع معدل دخل الفرد الحقيقي الى 44 الف دولار عام 2016 وهو معدل مرتفع جدا. وهذا هدف استراتيجي تنطبق عليه معايير الاهداف الذكية في الادارة SMART Goals. وكلمة ‘ذكي’ بالانكليزية هي الحروف الاولى للمعايير المطلوبة في الهدف الاستراتيجي مثل ان يكون: محددا، قابلا للقياس، متفقا عليه، واقعيا، ومحدد مدة زمنية، وهو ما سنلاحظه في جميع الاهداف الاستراتيجية لدبي.
التنمية الاجتماعية
ومن الاهداف الاستراتيجية لدبي التنمية الاجتماعية، انها تسعى الى حماية الهوية الوطنية وتعزيز التقارب الاجتماعي بطرق عملية عديدة تناولتها الخطة منها الحفاظ على اللغة العربية باعتبارها سمة الثقافة وتاريخ الامارة، وزيادة حس الانتماء من خلال تقديم افضل انظمة التعليم واجوده. وغيرها من ‘اهداف محددة’ عديدة لا مجال لتفصيلها هنا.
اما بالنسبة لمحور البنية التحتية والاراضي والبيئة فان ما تعكف عليه دبي من اهداف محددة شرعت به من بناء احدث قطار من نوعه في منطقة الخليج العربي، لحل ازمة الازدحام المروري المتفاقمة. ولانها تدرك سلفا ما تريد ان تصل اليه من اهداف توسعية استراتيجية، بنت اطول طريق من نوعه في المنطقة، وهو شارع الشيخ زايد، من حيث عدد حاراته الخمس وطول امتداده من دبي حتى العاصمة ابو ظبي فضلا عن بناياته الشاهقة المتعمدة، ليستوعب التوسع العمراني الكبير الذي ستقبل عليه الامارة في المستقبل. وشيدت كذلك مدنا خارجية بعيدة تداركا لاي ازدحام عمراني متوقع، نتيجة الزحف العمراني المنتظر، وربما هي من البلدان القلائل التي نقلت قلب المدينة الى منطقة جديدة نموذجية تخفيفا للازدحام وهي المنطقة المحيطة ببرج دبي، الاطول في العالم. كما انها على وشك افتتاح اوسط مطار في المنطقة ذي الستة مدرجات التي تؤهله لاستيعاب هبوط 6 طائرات في وقت واحد، كما صدر عن احد المسؤولين مؤخرا. وهذه كلها اهداف بدأت تتحقق بعدما كانت ‘حبرا على ورق’ او ما يفضل المتخصصون في الادارة تسميتها ‘اهداف استراتيجية’.
تعرف ماذا تريد
عندما تدرك الدول ماذا تريد تحقيقه بالضبط من خلال التخطيط الاستراتيجي السليم، فانها يمكن ان تصل اليه بسهولة شريطة ان تكون الخطة واقعية ومكتوبة ومعلومة لدى كل الجهات التي تعمل على تنفيذها وحتى تلك المستفيدة منها مثل المواطنين والمقيمين، ليتفاعلوا مع الخطة ويتوقعوا ما الذي ستحدثه من تطور في محيط حياتهم، ويطمئنوا الى منهجية تفكير القيادة، وهو ما نجحت حتى الآن في تحقيقه امارة دبي.
وباختصار نقول لا نستطيع عرض جميع ما جاء في استراتيجية دبي التفصيلية، ولكننا نرجو من متخذي القرار في الوطن العربي ان يطلعوا عليها ويتبنوا ما يرونه مناسبا فيها لمستقبل اوطانهم والاجيال القادمة، وان يتلافوا السلبيات ليدخروا لانفسهم الوقت والجهد الذي هم في امس الحاجة اليهما للحاق بركب التقدم.
النتائج أعلى متوسط دخل للفرد
اذا لم تحقق الاستراتيجية نتائج عملية ملموسة فهي عديمة الجدوى وتحتاج الى اعادة نظر، غير ان استراتيجية دبي آثرت ان تحقق نجاحا يشار اليه بالبنان وهو رفع متوسط دخل الفرد السنوي الحقيقي الى نحو 31 دولارا سنويا، وبمعدل نمو سنوي يتجاوز 6 في المائة. ويضاهي هذا المتوسط دخل الفرد في معظم الدول المتطورة مثل سنغافورة (27 دولارا) وهونغ كونغ (25 دولارا) وهي دول استغرقت فترة زمنية اطول حتى وصلت الى معدلاتها العالية الحالية من متوسط دخل الفرد السنوي، بحسب تقرير خطة دبي الاستراتيجية حتى عام 2016 . علما بان دبي هي امارة داخل دولة وليست دولة مستقلة.
تطوير العمل الحكومي
بدأت دبي عمليا في تطوير اجراءات العمل والعاملين في حكومة دبي من خلال تسهيل اجراءات عديدة والاعتماد الحقيقي على نظام الحكومة الالكترونية، وتأسيس كلية دبي للادارة الحكومية، بالتعاون مع جامعة هارفارد العريقة، وذلك لتخريج قيادات حكومية جادة وذات كفاءة لتسهل عليها تطبيق استراتيجيتها الواضحة المعالم، وكما ذكرنا بان الموظف الحكومي في نهاية المطاف هو المسؤول الاول عن متابعة وتنفيذ الخطة الاستراتيجية، كل حسب موقعه.
تشجيع المبادرات دعم للاستراتيجية
لكي تحقق اي قيادة اهدافها الاستراتيجية لابد من تشجيعها للمبادرات المتميزة التي تشكل قيمة مضافة للاقتصاد والمجتمع لتدعم استراتيجيتها التنموية، وهو ما نراه جليا من خلال الجوائز العديدة التي يقدمها حاكم دبي للشباب البارزين الذين يخوضون غمار التجارة او يمارسون تخصصاتهم بابداع كل في مجاله.
إعادة التقييم واقتناص الفرص
تردد على لسان اكثر من مسؤول ان دبي حققت بعضا مما خططت له في زمن قياسي وذلك بفضل اعادة تقييم الاستراتيجية واتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب لاقتناص الفرص السانحة. فمن اهم اسباب تحقيق النجاح في التخطيط الاستراتيجي على مستوى الفرد او المؤسسة المسارعة باقتناص الفرص التي تختصر الزمن للوصول الى الاهداف المرجوة.
الإدارة.. علم أم فن؟
يحتار الكثير من الناس في أمر الإدارة. هل هي علم يمكن تدريسه أم فن بحت ذو صلة مباشرة بشخصية الفرد؟ كما يتساءل البعض ما علاقة الإدارة بعلوم أخرى كعلم النفس والاجتماع والاقتصاد والرياضيات، التي يتزايد الارتباط بينها وبين الإدارة يوما بعد يوم.
الفرق والمقارنة
يستند الفريق، الذي يؤيد أن ‘الإدارة هي علم’، إلى أدلة عديدة منها أن الأكاديميون نجحوا بالفعل في تدريس إدارة الأعمال في الجامعات كعلم متكامل،. ويستطيع الطلاب أن ينالوا أعلى الشهادات العليا مثل شهادة بكالوريوس في إدارة الأعمال أو الماجستيرMBA أو الدكتوراه من خلال أطروحة أكاديمية محكمة، شأن الإدارة في ذلك شأن سائر العلوم الأخرى المعروفة.
أما الذين يرون أن الإدارة هي ‘فن’ أكثر منه ‘علم’ يمكن تدريسه، فاستندوا أيضا إلى عدد من الأدلة. وحجتهم في هذا الرأي أنه مهما بلغت الجامعات العالمية المرموقة من مراتب عليا في تعليم الإدارة، لا يمكن أن تزعم أن باستطاعتها ‘تخريج مديرين’ عبر برنامج دراسي معين، كما هي الحال مع المهندسين والمحامين والأطباء وغيرها من تخصصات. وهو ما يراه مؤيدو هذا الاقتراح دليلا على أن الإدارة يغلب عليها الطابع ‘الفني’ المرتبط بالشخص نفسه وقدراته أكثر من كونه علما حديثا. وذلك لأسباب منها أنه يصعب إجراء التجارب العلمية في الإدارة بالمستوى نفسه من الدقة والتحكم كما هي الحال في العلوم الطبيعية، لأن الإدارة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالإنسان، الذي يصفه علماء النفس بأنه عبارة عن خليط معقد التركيب، متقلب المزاج، ما ‘يزيد الطين بلة’، حيث يصعب تطبيق الدراسة العملية عليه. ولأن المديرون يعتمدون على أساليب وطرق مثل الحدس والتقدير والتنبؤ بالمستقبل، فإخضاعهم للتجربة العلمية أمر في غاية الصعوبة.
المقاربة
الإدارة ببساطة هي ‘علم وفن’ في آن واحد، وهذا الرأي يتبناه الكثيرون من المهتمين بالإدارة لأسباب عديدة.
أحد هذه الأسباب أن المدير الذي لم يدرس آلية ‘التفويض’ وشروطه وتداعياته، سواء من خلال الدورات أو الدراسة الأكاديمية، سيكون مركزيا، أنه ينفذ كل شيء بنفسه، من طباعة التقارير مرورا بإرسال رسائل الفاكس والرد على المكالمات الواردة وانتهاء بدقائق الأمور التي لا يفترض بالمدير تأديتها بمفرده.
كما نسمع أيضا عن شركات فاشلة إداريا ومتعثرة في أدائها وتعاني من عزوف الناس عن شراء أسهمها لأنها تواجه مشكلات إدارية لا يستطيع المدير العام أن يحلها، على الرغم من أنه درس الإدارة، وربما حصل على شهادة عليا فيها. فالمسألة مرتبطة في هذه الحالة بالقدرات الفنية للمدير وليس ما تعلمه عندما كان على مقاعد الدراسة.
نجاحات وأمثلة
وربما يدير الشركة مهندس أو طبيب أو محام ولكنه يبدع في الإدارة من خلال تفعيل قدراته الشخصية فيرسوا بمنظمته إلى بر الأمان، ويحقق نجاحات يشار إليها بالبنان. ولنا في المنظمات العربية والعالمية خير مثال على أن القدرات الفنية الشخصية قد تكون سببا في نجاح المدير بغض النظر عن حصوله على شهادة في الإدارة من عدمه.
وخلاصة القول: ان الإدارة هي ‘علم وفن’ مهما استشهد مؤيدو الرأيين بأدلتهم وبراهينهم. والناظر إلى المناهج الإدارية الحديثة يلحظ توسعا في تبني هذا الاتجاه، والذي يسدل الستار على نقاش طويل استنزف وقت المهتمين وجهدهم.
العلوم الأخرى
الإدارة علم وثيق الصلة بالعلوم الأخرى. فالمدير انسان يساهم في تكوين شخصيته ونجاحه في العمل مدى اطلاعه على كثير من العلوم الأخرى، على سبيل المثال لا الحصر علم النفس والاجتماع والرياضيات. ولهذا نرى أن المناهج الإدارية الحديثة والدورات التدريبية المتميزة والمقالات الإدارية المتخصصة يدخل فيها جانب من هذه العلوم لصقل شخصية المدير وتطوير قدراته، ليكون أكثر تنافسية من نظرائه في المنظمة نفسها أو في المنظمات المنافسة.
وعلى سبيل المثال، يساعد علم النفس، الذي يلعب دورا مهما في نظريات إدارية كثيرة، المدير على فهم سلوك المحيطين به وكيفية التعامل الأمثل معهم وتفسير ردود أفعالهم، لأن الإنسان في نهاية المطاف هو محور العملية الإنتاجية.
أما علم الاجتماع فيسلط أضواءه على الإدارة لكي يدرك المدير سلوك الجماعات التي يعمل معها وكيفية إدارتها بنجاح لتحقيق هدف مشترك. أما علم الاقتصاد فيعطي المدير نظرة على أهمية ما يقوم به من دور على المستوى القومي، وما مدى خطورة عدم إتقان المؤسسات لدورها في إلحاق الضرر بالاقتصاد. ونلاحظ أن علم الإدارة نظري غير أنه شهد في الفترة الأخيرة تركيزا ملحوظا على الجانب العملي من خلال تدريس الرياضيات والإحصاء بشكل ملحوظ لدارسي الإدارة، ليستفيدوا منه في بناء قراراتهم على أسس كمية أساسها الأرقام التي أضحت اليوم في غاية الأهمية في خضم تزايد المنافسة بين المنظمات في القطاعين الخاص والعام.
وليس مطلوبا من المدير أن يكون ملما بكل العلوم الإنسانية، لكنه سيكون ذا تأثير أكبر، إذا ما كان ملما بشكل عام بهذه العلوم التي ستساعده في اتخاذ القرارات الرشيدة، وحسن الإصغاء إلى من يتمتعون بهذه الخبرات أو المعارف من العاملين معه في المنظمة.
اللجنة هي الصورة الشائعة في الوطن العربي عن ‘العمل الجماعي’ المنظم. غير أن بعض اللجان العربية صارت محل تندر من قبل البعض، ما دفعهم الى اطلاق تعبير تهكمي وهو: ‘اذا أردت وأد مشروع ما، شكل له لجنة’! من أين جاء هذا الاحباط والنظرة السلبية تجاه الجماعي المنظم الذي يقف وراء أهم الانجازات في العالم؟ وكيف نستفيد من هذه الطريقة الادارية في أداء أعمالنا بطريقة جماعية ‘منتجة’ في اطار من المستوى المهني الرفيع؟ تتكون اللجنة عموما من جماعة عمل من اثنين أو أكثر يلتقون دوريا لأداء هدف معين تصبو اللجنة أو المنظمة الى تحقيقه.
وبشكل عام، لا يمكن أن يكون النجاح حليف أي لجنة ما لم يحدد أعضاؤها المهام والأعمال والأنشطة التي يقومون بها، لا سيما أن توزيع الأدوار على كل عضو حسب قدراته وخبرته يعطي الفرد الفرصة ليكون ذا ‘قيمة مضافة’، فضلا عن أهمية تحديد ما يناط بهم كمهمة جدولة العمل وتخطيطه.
ومن أهم الأمور التي يغفل عنها كبار المديرين والأعضاء المشاركين في اللجان المهمة، هو مسألة تحديد مقرر للجنة لتدوين ما جاء فيها من قرارات وتكاليف للأعضاء. هذا المقرر قد يكون عضوا في اللجنة نفسها، خصوصا اذا كانت السرية مطلوبة، وثمة من يرسل المحضر الى الأعضاء لاعتماده، ومعرفة التكاليف المطلوب منهم انجازها قبل حلول موعد الاجتماع المقبل. بهذه الطريقة يصبح الاجتماع فعالا ومنتجا، لأن كل عضو يدرك تماما ما المطلوب منه فعله، وما المدة الزمنية المتوقعة للانجاز.
صفات الرئيس
ولتنجح اللجنة، يفضل أن يتمتع رئيسها بالصفات القيادية. ذلك أن القيادي يؤثر في الآخرين بطريقة فعالة تدفعهم الى أعلى درجات ممكنة من الحماسة والعمل الجماعي المنتج. وما أكثر الذين شاهدوا كيف تنفلت زمام الأمور في اللجان، ويتعثر عملها، لأن من يديرها ليس لديه الحد الأدنى من الصفات المؤهلة لبث روح الفريق الواحد في الأعضاء وضبط قصورهم أو هدرهم للوقت في أمور هامشية.
وللأسف الشديد هناك عدد من المنظمات العربية تخطئ عندما تعلن عن انشاء لجنة لمشروع ما، ولا تحدد سلفا موعدا لانتهائها أو مدة زمنية محددة للاجتماع فيستغرق الاجتماع ‘معظم ساعات العمل’ من دون فائدة تذكر. وقد يمتد عمر لجان العمل هذه الى سنوات -كما نقرأ ونسمع- من دون تحقيق انجازات تتناسب مع الوقت والجهد المبذولين.
أخلاقيات الأعضاء
ومن الأمور المهمة أن يتفق أعضاء اللجنة على ‘أخلاقيات عمل’ أو ميثاق -ان جاز التعبير- يساعدهم على رفع مستوى الانتاجية والانضباط. ويعد ضروريا أن يذكر الرئيس الأعضاء -بين الفينة والأخرى- بهذه الأخلاقيات (الميثاق). وهي على سبيل المثال لا الحصر: عدم مقاطعة أي متحدث قبل أن ينهي حديثه، والانصات التام كي لا يهدر الوقت في مقاطعات، والالتزام بالكياسة في التعامل مع أعضاء اللجنة واحترام وجهة نظرهم، فضلا عن عدم اخفاء أي معلومة، والالتزام بالموضوعية أثناء طرح الآراء، والصدق. كما يعد التحضير الجيد من أهم الأخلاقيات والصفات التي يجب أن يتحلى بها عضو اللجنة لأنه يوفر على الأعضاء وقتا وجهدا كبيرين، يتم هدرهما في شرح كل بند في جدول الأعمال. علما بأنه كان يفترض من العضو القراءة المسبقة لجدول الأعمال والحضور الى الاجتماع ليثريه باقتراحاته وخبراته، أو أن يستوضح أمرا ما كان خافيا عنه.
تنفيذ العمل
ولتكون اللجنة منتجة لابد وأن توضع خطة تنفيذية محددة لكل عضو يسير على هداها. وتشير هذه الخطة، باختصار، الى الخطوات التنفيذية المطلوب تنفيذها، مثل: اعداد تقرير ما ثم أخذ موافقة اللجنة ثم ارساله الى الجهة المعنية … ومتابعة ما له علاقة به. ويفضل دائما أن توضع خطة العمل التنفيذية في جداول أو خرائط عمل، وذلك لسهولة قراءتها وتعديلها اذا لزم الأمر. واللجان بشكل عام هي سلاح ذو حدين. فهي في الأصل عمل جماعي محدد الأهداف ويختار أعضاؤها بعناية بالغة، ولكي لا تكون وسيلة لتمضية الوقت أو هدره فان المديرين مطالبون بتفعيل دورها ومراقبة أدائها وحل أي لجنة لا تقدم شيئا يذكر للمنظمة، خاصة اذا ما كان أعضاؤها يتقاضون أموالا لقاء مشاركتهم.
اللجنة والعمل الجماعي
عندما نطلق كلمة ‘لجنة’، نشير إلى صورة من صور ‘العمل الجماعي’ الذي لا تخلو منه المنظمات الناجحة في العصر الحديث. ومن المسميات التي تطلق على العمل الجماعي بشكل عام (إلى جانب كلمة لجنة) كلمات مثل: فرق عمل، مجالس، فروع، شعب، وحدات، أقسام، أو إدارات، غير أننا اخترنا الحديث عن اللجنة في هذا المقال، لأنها المصطلح الأكثر شيوعا في القطاع العام في معظم الدول العربية، والذي فيه أكبر نسبة من الموظفين.
اللجنة تنفي الفردية
أحد فوائد اللجان أنها جماعية، ولا تعتمد على جهود فرد واحد. ويمكن للموظف أخذ إجازة خاصة أو طبية من دون أن يتعثر الأداء الكلي. علما بأن الشركات التي تنال شهادات ‘آيزو’ العالمية تحررت من فكرة ‘مديرنا الكل بالكل’ أو ما يطلق عليه في عالم الأعمالOne man show لأنها تعمل وفق قاعدة اللجان أو العمل الجماعي المنظم.
من أخلاقيات المدير المثالي ألا يحمل الموظفين فوق طاقتهم، خصوصا إذا كان عملهم يستلزم استخدام الحاسوب لفترة طويلة. أطباء العيون بدأوا يرصدون حالات متزايدة لموظفين مصابين بمرض جديد يسمى Computer Vision Syndrome أي مرض ‘أعراض رؤية الحاسوب’.
وربما لا يشعر المديرون بهذا المرض الجديد مقارنة بالموظفين في الوظائف الأدنى من حيث السلم الوظيفي، وذلك لأن المدير – بطبيعة الحال- يقتصر عمله على إدارة الموظفين والإشراف عليهم، ولا يقوم عادة بالأعمال اليومية المرهقة للعين مثل كتابة التقارير أو الرسائل أو المذكرات الداخلية. ولأنه كلما علا المنصب الإداري قلت المهام الوظيفية المتعلقة بالكتابة فإنه ينبغي التنبيه إلى أهمية أن يراعي المديرون ماذا يمكن أن يعترض العاملين من تداعيات جراء انكبابهم على عملهم وتسمرهم لساعات طويلة أمام شاشة الحاسوب، من دون التقيد بالشروط الصحية اللازمة لسلامة العينين.
الطب الحديث
ويقول أطباء العيون في أكاديمية الطب بجامعة سانت بطرسبورغ ومنهم البروفيسور بريجفسكي فلاديمير: إنه بعد دراسات وأبحاث على الأضرار العيون التي تصيب الناس جراء استخدام الحاسوب تبين أن ذلك له تأثير مباشر في ‘قوة الإبصار’ وتمثلت الأعراض الصحية العامة لذلك في: ضعف قوة الإبصار MYOPIA، وبطء وقتي في رؤية الأجسام البعيدة بوضوح، وشعور بالإرهاق السريع عند القراءة، فضلا عن ازدواجية في رؤية الأشياء المشاهدة.
وحول عوارض هذا المرض الذي يصيب العين يعدد فلاديمير: جفاف العين وما يصاحبه من احساس بارتفاع حرارتها، والشعور بوجود قذى خفيف حول جفن العين، لاسيما احمرار العين وزيادة في إفراز الدموع، بالإضافة إلى عدم الإحساس بالراحة لدى مستخدمي العدسات اللاصقة، مؤكدا أن الأمر قد يؤدي إلى آلام في العين والرأس والرقبة والكتف.
أعراض المرض
من جانبه قال أخصائي طب العيون الدكتور صبحي عريف إن موظفين يأتون إليه بشكل دوري يعانون من مرض ‘أعراض رؤية الحاسوب’. ووصف إحدى الحالات المرضية بأن صاحبها كان يشعر بألم شديد في عينيه، واحمرار ملحوظ، وحرقة مؤلمة، وكان ذلك بسبب طبيعة عمله التي تستدعي استخدام الحاسوب يوميا ولساعات طويلة ‘ولم يكن يرتاح إلا مضطرا طوال مدة عمله’ على حد قوله.
وأوضح عريف، أثناء لقائه مع ‘القبس’، أن هذه الأعراض تختلف من شخص لآخر، لأن الأمر يعتمد على صحة العين والزمن المستغرق أمام شاشة الحاسوب. ولاحظ أن ‘من الموظفين من يبدأون الشكوى بعد ساعتين من استخدام الحاسوب والأكثر بعد 4 ساعات من استخدامه بشكل متواصل من دون راحة’.
المياه الزرقاء
وأضاف أنه اتضح من خلال إحدى الدراسات التي أجراها البروفيسور استاخف يوري سيرغيفيتش طبيب العيون الروسي في أكاديمية بافلفا للطب أن احد أهم أمراض العيون وهو المياه الزرقاء والمياه البيضاء (التي تخيف كثيرا من الناس) لا تحدث بسبب استخدام الحاسوب، ولكن الضرر الوحيد المهم الذي يمكن أن ينتج عن استخدام الحاسوب بإفراط هو مرض ضعف النظرMyopia واشار إلى أن الكثير من المرضى يوجد لديهم ضعف نظر مؤقت أو ‘ضعف نظر كاذب’ كما يسميه، وقد يحدث لهم خلل في توازن عضلات العين مما يؤدي إلى الازدواجية في النظر وبطء في التركيز. وناشد د.عريف جميع الموظفين إلى الرأفة بعيونهم وأن يعاملوها بلطف لأنها مصدر أهم حاسة لدى الإنسان، فهي يعترضها ما يعترض سائر أعضاء الجسم وعضلاته من إرهاق وتعب قد يعطل إنتاجية الموظف وينال من صحته. وكمبادرة ايجابية منه، قال عريف انه مستعد لاستقبال جميع اتصالات الموظفين المتعلقة ب’أعراض رؤية الحاسوب’
في الختام، نقول ان الموظفين هم الأصول الحقيقية لأي مؤسسة ناجحة. والحفاظ على صحة هؤلاء المنتجين وسلامتهم هو مهمة الموظفين أنفسهم، لاسيما مديروهم الذين يجب أن يكون لهم دور فعال في توعية الموظف بضرورة الحرص على أداء العمل من دون أن يؤذي الموظف نفسه، خصوصا عينه التي لا تقدر بثمن!
مبدأ ‘وضع الموظف المناسب في المكان المناسب’ صار يلقى قبولا في الوطن العربي. فقد اطلعت على قائمة طويلة لشركات وبنوك محلية وعربية عديدة تطبق احد احدث الانظمة الادارية في ‘تقييم الموظفين’ المتقدمين لوظائف جديدة للتأكد من مدى كفاءتهم. ويختبر هذا التقييم – الذي تتسارع وتيرة استخدامه في الوطن العربي – جوانب عديدة من شخصية الموظف: كطريقة تفكيره وصفاته السلوكية واهتماماته الشخصية.
ويقول مساعد المدير العام لشركة بروفايل انترناشونال (احدى ابرز الشركات العالمية في تقييم الموظفين) فراس رمضان ان الشركة تقدم حلولا مبتكرة في تقييم الموظفين الجدد والحاليين، وذلك بتقييم جوانب خفية في شخصية الموظف قد لا تظهر في احيان كثيرة في المقابلات الشخصية للمتقدمين للوظيفة.
وتتلخص فكرة التقييم هذه بان الشركات المهتمة تتعاقد مع شركة بروفايل لكي تقدم اختبارا مكتوبا لكل موظف جديد، بحيث يكون الاختبار متوافقا مع طبيعة عمل الموظف. ويقيم الموظف على اساس مقارنة قدراته مع بطاقة الوصف الوظيفي للوظيفة المرشحة. فالمرشح لمنصب مدير ادارة، مثلا، يحتاج الى قدرات تفكير معينة كالتحليل المنطقي وحسن اتخاذ القرار والمبادرة وغيرها من صفات يمكن بسهولة قياس جانب لا بأس به منها من خلال اختبارات وضعها رواد الادارة في العالم مع قياديي الشركات للوقوف على المتطلبات الحقيقية لكل الوظائف.
وبعد تحليل نتائج الاختبار تقدم الشركة تقارير متنوعة (حسب رغبة الشركة المتعاقدة) وذلك لتعرض النتائج بشكل مبسط بالاعتماد على الرسومات التوضيحية ملونة والنصوص المختصرة، التي تشخص الموظف المتقدم للوظيفة ومدى كفاءته. وتقدم التقارير توصيات بشأن نتيجة الاختبار وما يتعين على الشركة عمله، في الخطوات القادمة.
مقارنة المرشحين
ويمكن للشركات العربية المهتمة ايضا ان تستفيد من خدمة ‘مقارنة المرشحين المتقدمين’ لوظيفة معينة من خلال تقرير خاص تعد فيه قائمة بالاسماء المرشحة الى جانب نسبة مئوية لكل منهم تعكس مدى كفاءته لشغل الوظيفة، وذلك بناء على تحليل نتائج الاختبارات. ويسمى هذا التقرير Candidate Matching Report اي تقرير كفاءة المرشحين.
ويضم تقرير كفاءة المرشحين جداول مبسطة لنقاط الضعف والقوة في المرشح للوظيفة، وفي نهاية التقرير تعرض جداول لتوضيح اهم ثلاثة امور تتطلبها الوظيفة المتقدم اليها الموظف، وادنى ثلاثة اشياء تعد في ادنى قائمة الاهمية للمواصفات المطلوبة في المرشح للوظيفة. وعلى سبيل المثال، فالمحاسب يحتاج الى القدرات الفنية اكثر من القدرات الابداعية لان طبيعة عمل المحاسبين لا تتطلب تفكيرا ابداعيا كالمدرس او الرسام او المصمم الفوتوغرافي، بقدر ما تتطلب امورا فنية بحتة Technical Ability.
التقرير الشخصي للموظف
يؤكد علم السلوك ان انجح الناس هم الذين يعرفون جيدا نقاط ضعفهم وقوتهم، وهو ما يقدمه ‘التقرير الشخصي’ للموظف. فهذا التقرير يقدم للموظف المهتم بتطوير ذاته، بعد اجرائه للاختبار الاول، اذ انه يحدد نقاط القوة للموظف لكي يستفيد منها في تحقيق اهدافه واهداف المنظمة التي يعمل فيها، ويذكر التقرير ايضا نقاط الضعف التي تحد من فاعليته كموظف. ويغلب على اسلوب التقرير البساطة والمباشرة في الطرح، وهو موجه للموظف نفسه.
وبشكل عام فانه يتم تقييم الموظف – حسب طبيعة عمله – من حيث ‘طريقة تفكيره’: كقدراته اللغوية وتفكيره المنطقي وقدراته الحسابية. كما يقيم ايضا من حيث ‘قدراته السلوكية’: كمستوى نشاطه وحماسه ومدى قدراته الاجتماعية والادارية وغيرها. كما يتم تقييم ‘اهتماماته’: مثل مدى ابداعه وميله للامور المالية او الادارية او ميله للعمل في مجال خدمة الآخرين، ومدى اقدامه في العمل.
وتنصح الشركة في تقاريرها بنص واضح وصريح ألا تعتمد الادارة العليا في قراراتها على نتائج هذه الاختبارات فقط، حيث ان نتائج الاختبارات يجب الا تتجاوز نسبة 30 في المائة من القرار النهائي، وتترك النسبة المتبقية للمقابلة الشخصية، وفي بعض الحالات يحتاج الموظف الى مدة معينة للتجريب، فهناك موظفون مؤهلون ولكنهم في ميدان العمل يتبين انهم لا يصلحون لشغل هذه الوظيفة لاسباب عديدة.
معظم الناس يقدمون استقالاتهم إلى مديريهم بالديباجة التقليدية المعروفة ‘أرجو قبول استقالتي اعتبارا من…’، غير أن بعض الموظفين ومنهم القياديون في مراكز حساسة، يتعمدون أن تكون ‘استقالاتهم مبررة’ لحاجة في نفس يعقوب، كما يقال. تكفل الأعراف الإدارية لأي موظف في العالم أن يذكر في ورقة استقالته ما يشاء من أسباب دفعته إلى تقديمها. لكن، بما أن الاستقالات المسببة عادة ما تكون فيها ‘أسباب سلبية’ أو تشير إلى قصور معين في المؤسسة أو العاملين فيها، فسنتطرق هنا إلى تداعيات هذا النوع من الاستقالة على العمل ومحيطه؟ وما أسباب لجوء الموظفين إليها؟
من الأسباب التي تدفع بعض الموظفين إلى تقديم مبررات في ورقة الاستقالة، أنهم يريدون أن يدفعوا عن أنفسهم تهمة التقصير أو الهروب من المسؤولية، فيلقون باللائمة على الأسباب أو الأشخاص الذين يعتبرونهم بالفعل سببا في تعثر أدائهم الإداري. وقد يكون ذلك عائدا إلى سوء إدارة الشركة وضبابية مستقبلها، فيقدم الموظف على الاستقالة كي لا يعد ‘شيطانا أخرس’ بسكوته عما يجري من تخبط إداري في الشركة.
خيانة الأمانة
كما يلجأ البعض إلى ذكر أسباب استقالته عندما يتعلق الأمر بمحاولة توريطه في مسألة خيانة الأمانة، مثلا، أو ارتكابه أو من يعمل معه لخطأ جسيم أودى بحياة أبرياء. ففي القاهرة ـ على سبيل المثال – قدم وزير النقل المصري ورئيس السكك الحديدية استقالتهما، بعد أن لقي 373 شخصا على الأقل مصرعهم، معظمهم حرقا، عندما اشتعلت النيران في عربات قطار، ووصف الحادث بأنه الأسوأ من نوعه في تاريخ السكك الحديدية في مصر الذي يمتد لقرن ونصف القرن. وكان المسؤولان باستقالتهما هذه، التي بثها التلفزيون المصري الرسمي، يؤكدان تحملهما للمسؤولية السياسية. والأجمل من ذلك أن يتنحى زعيم بلد ما من منصبه لأسباب تصب في مصلحة شعبه، ولا شك في أن التاريخ سيسطر ذلك الموقف الشجاع بأحرف من نور.
المنصب القيادي
وكلما ارتفع مستوى المنصب القيادي للفرد الذي يقدم استقالة مبررة، كان وقع هذه الاستقالة أكبر على العمل والبيئة المحيطة به. فاستقالة رئيس دولة أو رئيس وزراء أو وزير مهم لها تأثير كبير في الرأي العام وربما يؤثر ذلك على العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وكذلك الحال بالنسبة لاستقالة المدير العام في شركة مهمة، حيث إن أسباب استقالته سرعان ما تنتشر في أروقة العمل فتلقى تفاعلا ملحوظا. وما أسوأ أن تتسرب أنباء أسباب استقالة مسؤول رفيع إلى الصحافة، فتضر بمصالح
الدائرة الحكومية أو الوزارة، وفي بعض الأحيان قد تتسبب في تشويه سمعة شركة مدرجة في سوق الأوراق المالية، وربما كان فيها الكثير من الموظفين المخلصين الذي يؤدون عملهم على أكمل وجه.
وبما أن الاستقالة المبررة تؤثر أحيانا على بعض المسؤولين، فتتسبب في فصلهم، خاصة إذا ما كانوا ضالعين في الموضوع، لذا فإنه من الأهمية بمكان التريث والتفكير مليا في مستقبل هؤلاء ومستقبل المؤسسة التي سيقدم الموظف على فضحها بوثيقة مكتوبة، علهم يعودون إلى رشدهم ويعترفون بأخطائهم.
تصرف المدير
والسؤال المهم: ‘ماذا يفعل المسؤول لو وجد على مكتبه استقالة مبررة؟’ أول خطوة تكون بمقابلة الموظف المعني والوقوف على أسباب استقالته، وإذا كان ممكنا فإنه يحاول ثنيه عن الاستقالة، وإذا أصر فتأتي محاولة التأثير عليه لكي يعدل عن فكرة ‘الاستقالة المبررة’، واستبدال ‘الاستقالة العادية’ بها لتجنب إثارة أي زوبعة إدارية في المؤسسة، قد يشم رائحتها القاصي والداني.
ومن الطبيعي أن يشكل المدير المسؤول لجنة تحقيق في أي استقالة مبررة، خصوصا إذا كانت الأسباب مهمة، وقد تضر بأداء المنظمة أو العاملين فيها. ولا بد أن تتأكد اللجنة من أن أسباب هذه الاستقالة ليست ‘كيدية’، بل حقيقية. بعض المستقيلين لا يحبذون إثارة ‘البلبلة’ مهما كانت أسباب استقالتهم مهمة. فهم يفضلون أن يتركوا أعمالهم بهدوء وسلام، بعيدا عن الصدامات، لأنهم يكرهون تكوين عداوات مع خصومهم، إذ قد تجمعهم الظروف إلى الالتقاء مرة أخرى في مقر عمل جديد. وهؤلاء ‘الموظفون المسالمون’ كثيرون في مجتمعاتنا العربية، الذين يؤثرون السلامة والمحافظة على علاقاتهم الاجتماعية الطيبة، بدلا من فتح جبهات عدائية مع خصومهم.
الاستقالة ‘الشجاعة’ أم ‘الجبانة’؟
عندما يقدم مسؤول ما استقالته المبررة تحملا للمسؤولية، يسمى هذا التصرف ‘الاستقالة الشجاعة’ على حد وصف رئيس إحدى الشركات الكويتية الكبرى. ويرى هذا الرئيس أن ذكر أسباب الاستقالة هو مواجهة شجاعة للمشكلة، ويأتي في كثير من الأحيان بنتائج إيجابية. أما ‘الاستقالة الجبانة’، حسب تعبيره، فهي التي يذكر فيها المسؤول أسباب استقالته هروبا من المسؤولية. فهو يعلق أسباب المشكلة التي يواجهها على شماعة الآخرين ليدفع عنه أصابع الاتهام، وهو خلق لا يليق بالمدير الشجاع الذي يواجه المشكلة بشجاعة.
المستحقات المالية
بعض الذين لا يحبذون فكرة الاستقالة المبررة، وما قد تثيره من تداعيات ومواجهات مع المسؤولين المباشرين، فهم يخشون أن تساهم هذه الاستقالة في التأثير سلبا على مستحقاتهم أو مكافأة نهاية الخدمة التي يحق لبعض الشركات، حسب بعض عقود العمل، أن تمنعها أو تخصم منها ما تراه مناسبا، خصوصا على الموظفين الذين ‘يرتكبون مخالفة جسيمة’. وهذه المخالفات هي كلمة ‘مطاطة’ يمكن أن تستغلها الشركة في ‘تأديب الموظف’ الذي يتطاول عليها أو يفضحها في استقالته المبررة.
‘ليس لدينا وقت كاف للقراءة’ هي شكوى المديرين الدائمة. لذا حرص علم الإدارة على تدريب المديرين على فن القراءة السريعة، الذي يلقى رواجا واسعا في العالم. بالمناسبة، القراءة السريعة هي إحدى أهم ‘المهارات الإدارية’ التي تساعد المدير على قراءة الصحيفة والتقارير والمراسلات البريدية وغيرها مكتسبا أكبر كم ممكن من المعلومات في أقل وقت ممكن.
وهناك ثلاث طرق للقراءة السريعة وهي: التصفح السريع، القراءة المسحية والقراءة مع التجاهل. وهذه الطرق الثلاث تشبه ‘محرك السرعات’ في السيارةgear لأن كل طريقة تعطي معدل سرعة مختلفا.
1 التصفح السريع
‘التصفح السريع’ معروف باسم skimming فعندما يتبع المدير هذه الطريقة يبحث عادة عن أفكار رئيسية للموضوع الذي يقرأه، ويكون بقراءة العناوين الرئيسية والفرعية، بالإضافة إلى تمرير النظر سريعا على الأسطر وتحديدا بدايات ونهايات الفقرات، لأن فيها الفكرة الرئيسية للفقرة، ومحاولة قراءة الأمثلة، إن وجدت، التي عادة ما تكون في وسط الفقرات لفهم أفضل لفكرة الفقرة.
والتصفح السريع هي ‘طريقة مقصودة’ في القراءة لأنها تعطي فكرة عامة ومعلومات تفصيلية عن أجزاء محددة من النص المقروء، ومن الأسباب التي تدفع القارئ إلى هذه الطريقة أنه أحيانا يريد التأكد من مدى إمكان تخطي أو تجاوز بعض النصوص المقروءة، أو لتحديد الجزئية المطلوب قراءتها بشكل تفصيلي. وبشكل عام، ينصح باللجوء إلى التصفح السريع قبل المباشرة بقراءة ‘تقرير مطول’، وذلك لأخذ فكرة مختصرة عن الموضوع قبل قراءته بتعمق، فذلك يعطي القارئ شعورا بالراحة ويساعده على القراءة السريعة لأنه قد ألف أفكار الموضوع الرئيسية. ومن أمثلة ما يمكن أن يتصفحه المدير بسرعة: المواقع الإلكترونية، المجلات والصحف الكتب العامة (ليس الأدبية).
2 القراءة المسحية
هذه الطريقة تسمى القراءة المسحيةScanning وهي عكس التصفح السريع، لأن عملية المسح يبحث فيها المدير عن شيء محدد أو معلومة معينة. وفي كثير من الأحيان، يمارس المدير القراءة المسحية من دون أن يشعر، كأن يبحث عن شيء محدد على الإنترنت أو يبحث عن سعر سهم معين في قائمة الأسهم الطويلة أو يبحث عن موضوع محدد في فهرس أحد التقارير أو عن رقم هاتف زميله في دليل هواتف الموظفين.
وقد يمارس الموظفون ‘القراءة المسحية’ و’التصفح السريع’ في آن معا، وذلك عند تصفح عناوين الصحف بحثا عن أخبار متعلقة بالبورصة أو الاقتصاد مثلا (من دون تحديد). وفور ما نجد الموضوع الذي يلفت انتباهنا نبدأ بالقراءة المسحية بحثا عن تفاصيل محددة مثل كيف حدث الموضوع؟ من قام به؟ أو ما السبب؟
وأفضل طريقة للقراءة المسحيةscanning تكون باستخدام القلم، والنزول به عموديا من أعلى الصفحة أو العمود في الصحيفة إلى الأسفل، بحيث يكون التحرك في منطقة منتصف الصفحة أو العمود. ومع النزول تتوقف العين أثناء مسحها مرتين في السطر الواحد، مرة على يمين القلم ومرة على يساره، شريطة أن تكون بطريقة سريعة وبتركيز شديد. ويفضل أن يكون تركيز النظر على المساحة البيضاء بين السطور، حتى لا يقع القارئ في مشكلة يواجهها معظم الناس وهي قراءة الكلمات أثناء القراءة. ذلك أن قراءة الكلمة سواء بتحريك الشفتين أو لفظها داخليا يبطئ السرعة ولا يعتبر هذا ‘قراءة سريعة’ إطلاقا. القارئ سيجد صعوبة في بداية الأمر، لكنه سرعان ما سيجد الأمر سهلا جدا، إذا تخيل أنه ينظر إلى ‘صور’ وليس ‘كلمات’، تماما كما ينظر أحدنا إلى الشمس أو القمر فهو لا يحتاج إلى أن يلفظها شفهيا.
وتجدر الإشارة إلى أن القارئ عندما يتقن القراءة المسحية فإنه لن يحتاج إلى استخدام طريقة القلم بعد ذلك لأنه تدرب على المسح السريع. فالقلم هدفه تذكير القارئ غير المدرب بألا يخطئ بقراءة كل كلمة في السطر بتوقفه المتكرر في السطر الواحد.
وللعلم فإن من يقرأ بطريقة التصفح السريع يمكن أن تصل سرعته إلى 1500 كلمة في الدقيقة، وربما أكثر، وهذه السرعة الكبيرة تفيدنا في البحث عن أمر محدد بين عشرات الصفحات، بدلا من تضييع الوقت. أما مستوى الفهم هنا فيمكن أن يصل إلى نسبة 100 في المائة عندما نجد ما نبحث عنه، وإذا لم نجد الموضوع الذي نبحث عنه فستكون النسبة ‘صفر’ بطبيعة الحال.
3 القراءة مع التجاهل
‘القراءة مع التجاهل’ أو ما يسمىSkipping هي طريقة اختيارية في القراءة يلجأ اليها المدير الماهر الذي يعلم جيدا ما يستحق أن يقرأ وما لا يستحق. فنجده ما أن يصل إلى الجزئية التي يكثر فيها ‘الحشو الكلامي’ أو التفاصيل المملة وغير المهمة، يتخطاها إلى الأجزاء الأخرى الأكثر أهمية أو التي يبحث عنها.
ويمكن تجاهل ما يقرأه المدير كليا إذا كان ما يقرأه صعبا للغاية ويتطلب متخصصا لشرح المصطلحات وشرح ما بين السطور. كما يفضل أن يتجاهل النصوص المقروءة إذا كانت لا تتضمن أي موضوع يهمه أو ليس فيها معلومات جديدة. ومثال ذلك، عندما نقرأ أكثر من صحيفة فإننا نجد أن الأخبار الرئيسية تتشابه فيها المعلومات الرئيسية التي لا يتطلب إعادة قراءتها مرة أخرى، وإنما يتطلب منا تجاهلها إلى معلومات أخرى مفيدة.
وتساعدنا طريقة القراءة مع التجاهلSkipping إلى سرعة تحديد الأجزاء التي تتطلب منا تجاهلها، توفيرا للوقت والجهد.
وهناك أمور رئيسية يستدعي من المدير الانتباه إليها ليحسن القراءة السريعة، ومنها تحديد الهدف من القراءة، لأن عدم تحديده ‘يشوش’ على القارئ، ويجعله كمن يسير في طريق لا يعلم إلى أين سيأخذه، فيكون عرضة لأن يتيه في الطرقات. كما أن التصفح الأولي الشامل يساعد على تحديد مدى أهمية مواصلة القراءة من عدمه. بشكل عام، القراءة السريعة مهارة إدارية مهمة لجميع المديرين الذين تزداد مهامهم ومسؤولياتهم وتضيق عليهم أوقاتهم بطبيعة الحال. ولأن مقالا واحدا لن يفي الموضوع حقه فننصح بحضور دورات متخصصة في القراءة السريعة، من قبل مدربين محترفين. ومن حسن حظ المواطنين والمقيمين في دولة الكويت أن علم القراءة السريعة قد دخل المنطقة العربية من نافذة الكويت من قبل المدربين الكويتيين، بحكم تخصصهم في هذا المجال. كما يمكن أن تعقد أي الإدارة دورة تدريبية داخلية أو ما يسمى In-House-Training لجميع العاملين فيها، لتعم الفائدة كل الموظفين وتشيع مهارة القراءة السريعة في بيئة العمل.
ماذا يقرأ المدير؟
القراءة السريعة مهمة لأن معظم المديرين لديهم العديد من المواد التي يتطلب منهم قراءتها ومنها: المذكرات الداخلية، والعقود القانونية، والمراسلات اليومية المطبوعة، والمراسلات البريدية ‘التي تزداد يوما بعد الآخر’، والسير الذاتية والدراسات الداخلية وغيرها.
معدل القراءة
المعدل الطبيعي لسرعة القراءة، للذين تعتبر المادة المقروءة لغتهم الأصلية، تتراوح بين 200 إلى 300 كلمة في الدقيقة، فإذا تجاوز معدل القارئ السرعة المذكورة فهو أعلى من المعدل الطبيعي، وبإمكانه مضاعفة سرعته بالتمرين المستمر، وأوله حضور دورة متخصصة، وهناك أرقام خيالية وصل إليها قراء في الكويت والوطن العربي، كما أخبرني مدربون محترفون، وهو مسألة يسيرة بالتدريب المتواصل، والمعادلة الآتية تحسب معدل سرعة القراءة في الدقيقة الواحدة.
سرعة القراءة ‘أو معدل عدد الكلمات في الدقيقة الواحدة’ تساوي ‘عدد الكلمات في السطر الواحد تقريبا’ ضرب ‘عدد الأسطر في الموضوع المقروء’ مقسومة على ‘الوقت المستغرق في القراءة’.
أهمية الراحة
دراسات عديدة تشير إلى أن تركيز القارئ يمكن أن يبقى في أوجه لمدة عشرين دقيقة. لذا ينصح دائما بأخذ قسط كاف من الراحة، لمدة خمس دقائق، بالنظر إلى أبعد مكان في الغرفة لتستريح العين، حيث إن عين الإنسان تحتاج إلى أن ترمش بمعدل 22 مرة في الدقيقة، والتركيز الشديد من دون راحة يسبب لها، كما يقول الأطباء، إرهاقا قد تظهر آثاره على شكل احمرار في العين.
حركة العين
لمضاعفة سرعة القراءة ينصح دائما بالنظر إلى السطر على أنه ‘مجموعة’ من الكلمات، نحاول فهمها. على سبيل المثال: تخيل أن السطر الواحد مقسم إلى 3 أو 4 مجموعات من الكلمات المتلاصقة، ومن خلال النظر السريع إليها (أي المجموعات) نحاول فهم معناها. ويجب تجنب توقف العين طويلا على الكلمة الواحدة، وهو ما يسمى بالمعاينة أو Fixation ، لأنه يبطئ السرعة وهو ما يستدعي ضرورة التخلص منه. لقد أثبتت الدراسات أن العين غير المدربة تتوقف بمعدل ست إلى ثماني مرات على السطر الواحد وهو بلا شك تأخير غير مبرر للقارئ.
الشركات العربية بدأت تدرك أهمية تطوير الخبرات وثقل المهارات
نفذت شركة المراعي الشهيرة برنامج المنح الدراسية، للموظفين لتكون بذلك من أوليات الشركات السعودية التي توفر منحا لموظفيها في مختلف المجالات الإدارية والصناعية والمالية.
وشركة المراعي، التي تقدم هذا البرنامج المهم بالتعاون مع عدد من الجامعات البريطانية، بدأت تخرج ثلة من قيادييها من حملة الماجستير في إدارة الأعمال MBA، والموارد البشرية، والإدارة المالية لينضموا إلى كوكبة القياديين في الشركة.
والمراعي ليست الشركة العربية الوحيدة التي تؤمن بأن التعليم والخبرة عنصران مهمان لتقدم اي إدارة والنهوض بقيادييها ومديريها، فهناك عدد من الشركات والمنظمات المحلية والعالمية الأخرى التي تسخر إمكاناتها المادية الكبيرة لتقديم منح دراسية للطلبة العرب إلى جامعات عالمية بارزة ومنها على سبيل المثال لا الحصر: شركة الزيت العربية، ومؤسسة الحريري الخيرية، والهيئة العامة للاستثمار والبنك الوطني في الكويت، والبنك السعودي البريطاني SAAB، ومجموعة ديملركرايزلر الألمانية الأميركية العملاقة لصناعة السيارات، وشركة جنرال إلكتريك. لاسيما أن الشركات النفطية في الخليج العربي وعددا من الشركات العائلية الكبرى تمنح أيضا بعثات تخصصية لموظفيها والبارزين في المجتمع.
هباء منثور!
أما الشركات التي تخشى أن يذهب إنفاقها على تعليم الشباب ‘هباء منثورا’ لاحتمالية استقالة الموظف أو قبوله لعرض وظيفي أفضل، فنذكرهم بأنه يمكنها أن تضع ضوابط للبعثة الدراسية يلتزم من خلالها المبتعث بأن يعمل في الشركة لمدة زمنية محددة، لتستفيد منه من جهة وتنفعه في الوقت نفسه من جهة أخرى.
ولا يقتصر تقديم المنح الدراسية على ‘البعثات الخارجية’ المكلفة ماديا، فبإمكان الشركات أن تمنح الموظفين منحا لدول عربية، أقل كلفة، حيث بدأت المنطقة تستضيف كبريات الجامعات العالمية. ففي أبوظبي، مثلا، تم افتتاح جامعة السوربون الفرنسية العريقة، وهي بالمناسبة تعد أول فرع لها خارج حدود فرنسا، وتحتفل العام المقبل بمرور 750 سنة على تأسيسها. كما أن هناك الجامعة الأميركية في الشارقة والقاهرة وبيروت. وفي قطر أيضا تم افتتاح جامعات عريقة مثل: جامعة كارنجي ميللون، وجامعة جورج تاون، وجامعة تكساس، وجامعة فرجينيا كومنولث. وفي الكويت توجد كلية ماسترخت لإدارة الأعمال وهي أحد أفضل 5 برامج لإدارة الأعمال في أوروبا. وهناك أيضا جامعات عربية رائدة في المنطقة كجامعة القاهرة وجامعة الكويت، (أول جامعة في الخليج) وكلها تقدم أحدث البرامج الدراسية.
منح داخلية
كما يمكن أن تقدم الشركات العربية منحا دراسية داخلية، في الدولة نفسها.
وذلك من خلال تسجيل موظفيها أو المتميزين في المجتمع بدورات تخصصية يحصلون من خلالها على شهادة مهنية معتبرة، أمثلة على ذلك: شهادة المحاسب القانوني المعتمد CPA وشهادة المحلل المالي المعتمد CFA وغيرها. وكلها شهادات ترفع من مستوى الفرد مهنيا وتساهم في رفع دخله، وبطبيعة الحال يرتفع مستوى كفاءته لتولي مهام وظيفية أعلى.
منح البعثات الدراسية ليس من اختصاص الشركات الكبرى فقط وإنما تستطيع الشركات الصغرى المشاركة في هذا الركب السخي من خلال تحمل ولو جزء من الرسوم الدراسية ‘كربع قيمة الرسوم أو نصفها’ من باب ‘التيسير على المحتاجين أو دعم المتميزين’. بعض الشركات تكتفي بتحمل نفقات تدريس اللغة الإنكليزية في معاهد اللغة العالمية، وذلك لأن اللغة الإنكليزية، صارت لغة عالمية وأساسية في عالم الأعمال، وعدم الإلمام بها يعطل كثيرا من الناس عن متابعة ما يصدر في الدول المتقدمة أولا بأول.
الحياة القاسية
ما أكثر العباقرة والمبدعين العرب الذين لم يحققوا انجازا يذكر لأن ظروف الحياة القاسية طحنتهم، فاختاروا وظائف أبعد ما تكون عن التخصصات التي لطالما تمنوا أن يدرسوها، والسبب يعود إلى محدودية دخلهم فوجدوا أنفسهم مرغمين على اختيار وظيفة هامشية تكفل لهم قوت يومهم! التاريخ العربي يؤكد لنا أن فردا واحدا يمكن أن يحقق ما عجز عنه آلاف البشر، خاصة إذا ما تلقى ‘تعليما جيدا’ ومن أمثال هؤلاء العالم العربي الشهير د.أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء والعالم د.فاروق الباز الذي درب رواد الفضاء الأميركيين على أماكن الهبوط على سطح القمر. وأذكر جيدا معنى وقيمة الاستثمار في البعثات الدراسية، عندما كنت في زيارة إلى د.الباز في معمله بجامعة بوسطن الأميركية فوجدته منهمكا في معاينة خريطة الشرق الأوسط مع طالبين كويتيين فسألته عن سبب وجودهما معه فقال: هما طالبا بعثة ونحن ندربهما على تقنية ‘الاستشعار عن بعد’ لأننا بصدد إعداد أطلس الكويت لقياس كمية المياه الموجودة في باطن الأرض من خلال صور القمر الصناعي، وهي التكنولوجيا نفسها التي استخدمها في الاستشعار عن بعد وتصوير مواقع الهبوط على سطح القمر.
وباختصار نقول إن توفير المنح الدراسية الجيدة ثمرة يجنيها المجتمع وأفراده وكل مؤسساته، التي ستنعم بمديرين وقياديين أكفاء يعدون إضافة لا يستهان بها للمجتمع، خاصة إذا ما كان ذلك ملازما للعمل الجاد والبعد عن الاتكالية التي لا تنفع الفرد ولا المؤسسة التي يعمل بها.
بعثات إلزامية مقابل مشاريع كبرى
لماذا لا تلزم الحكومات العربية الشركات الأجنبية والعربية التي ترسو عليها مناقصات حكومية كبرى، بمنح بعثات دراسية للطلبة العرب المتميزين، وذلك بإرسالهم إلى أعرق الجامعات العالمية. ويعد ما يسمى ببرنامج ‘أوفست’ في عدد من الدول العربية هو الجهة التي تتفاوض مع الشركات بشأن تقديم خدمات ذات منفعة للمجتمع واقتصاده، كأن تلزم الشركة الفائزة بالمناقصة بإنفاق نسبة معينة من قيمة المشروع (3 في المائة مثلا) على تقديم بعثات دراسية في تخصصات محددة يحتاجها المجتمع.
فاست لينك: منح تعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة
تقدم شركة ‘فاست لينك’، المشغل الأول للهواتف الجوالة في الأردن، منحا تعليمية في الجامعات الأردنية. ويبلغ عدد المنح السنوية المقدمة من فاست لينك عشر منح دراسية للطلبة الأردنيين المسجلين في الجامعات الرسمية، إضافة إلى منحة لذوي الاحتياجات الخاصة. ويهدف صندوق فاست لينك التعليمي الذي أطلقته الشركة إلى المساهمة في رفع المستوى المعيشي لفئة الطلبة غير المقتدرين من خلال إتاحة الفرصة لهم للحصول على منح دراسية تساعدهم في إكمال مسيرة تعليمهم الجامعي، وهو واحد من عدة مشاريع أطلقتها فاست لينك لدعم القطاع التعليمي في الأردن.
المنافسة والشركات
ما أجمل أن تفتح الصحيفة لتجد إعلانات الشركات العربية تتنافس فيما بينها لتقديم أفضل بعثات دراسية لكوكبة من المبتعثين الأكفاء. ويمكن أن تتعاون الشركات مع جهات جهات حكومية خيرية أو رسمية أخرى لابتعاث قائمة من الموظفين البارزين في العمل الحكومي والذين يتم تكريمهم في حفل خاصة على مستوى الدولة، على سبيل المثال.
لا يتق دم المدير ما لم يتقدم به مرؤوسوه. فهؤلاء المرؤوسون، الذين يرأسهم المدير، مثلهم مثل المركبات لا تسير إلا بوقود كاف يحركها نحو الوجهة المطلوبة. ومع حلول عام وظيفي جديد، فإن المديرين مدعوون إلى فتح صفحة جديدة في علاقتهم مع مرؤوسيهم، بتبنيهم أفضل الطرق لتحفيز المرؤوسين لتقديم أفضل ما لديهم، ويكون ذلك من خلال إشباع حاجاتهم الخمس الرئيسية.
هذه الحاجات يتم إشباعها بالتحفيز وهو نوعان لا ثالث لهما: الأول تحفيز مكلف ماديا ويسمى ‘التحفيز المادي’ وهو ما يحتاج إلى موافقات أو استثناءات إدارية أو الالتزام بما جاء باللوائح المنظمة. أما النوع الثاني فهو التحفيز غير المكلف ماديا، أي ‘التحفيز المعنوي’، وهو الذي يأتي طواعية من المدير نفسه ككلمات الثناء والشكر والإطراء وما شابهها رغبة في بث روح الحماسة في الموظفين.
ومعلوم في علم الإدارة أن إثارة حماسة العاملين هو من صلب اختصاصات المدير الذي يستخدم كل الحوافز الممكنة كوسيلة لتوجيه مرؤوسيه في أعمالهم لتحقيق أفضل أداء.
ومهما تحلى المدير بصفات جيدة وشخصية ‘كاريزماتية’ أو مؤثرة فانه يصعب عليه تحفيز المرؤوسين من دون التدرج في إشباع الحاجات الأساسية الخمس التي يحتاج إليها معظم الموظفين وهي: الحاجة الفسيولوجية والحاجة إلى الأمان والحاجة الاجتماعية والحاجة إلى التقدير العام والحاجة إلى تقدير الذات. فليس المال هو دائما الحل الأمثل أو الحل ‘السحري’ إن جاز التعبير.
الحاجة الفسيولوجية
‘الحاجة الفسيولوجية’ هي حاجات المأكل والملبس والمسكن والراحة. ويكون إشباع هذه الحاجة الأساسية عبر تفعيل أنظمة الحوافز وأجر الوظيفة، فالنواحي المالية هي التي توفر إمكانية الإشباع. والموظف الذي يعاني نقصا في هذه الحاجات الأساسية، التي يفترض توافرها لدى جميع الموظفين، لا تتحقق لديه الحاجتان العلويتان وهما تحقيق الذات أو الإحساس بالتقدير. ولذا فإن على المدير التحقق من مدى إشباع الموظفين لهذه الحاجات قبل الانتقال إلى الحاجة التالية.
الشعور بالأمان
‘الشعور بالأمان’ حاجة الفرد بألا يشعر بالخطر أو التهديد في عمله. ذلك أن الموظف إذا ما كانت وظيفته تهدد حياته الوظيفية باستمرار فإنه وأسرته سيشعرون بالقلق. ويمكن إشباع هذه الحاجة من خلال تطبيق نظم السلامة الجيدة، خاصة في الوظائف التي ترتفع فيها معدلات الإصابة بمخاطر. كما يمكن التقليل من شعور الموظف بعدم الأمان من خلال الالتزام بنظام التأمينات الاجتماعية أو تقديم برنامج تقاعدي آخر شبيه يشعر الموظف بأنه يعمل في مكان آمن، يستحق أن ينهي في حياته الوظيفية.
ومعلوم أنه لا يمكن أن يشعر الموظف بتحقيق حاجتي ‘التقدير’ أو ‘تحقيق الذات’ ما لم يتمتع ‘بحاجة الأمان الوظيفي’. والمقصود هنا الإشارة إلى أنه كيف نتوقع أن يشعر الموظف بالأمان ويبدع في عمله وهو في الوقت نفسه يعاني من غياب الأمان الوظيفي. هذا الشعور – وللأسف الشديد – يعاني منه الموظفون في مؤسسات عربية عديدة، وهو ما نسمعه باستمرار من شكاوى الناس وهمومهم.
الحاجة الاجتماعية
‘الحاجة الاجتماعية’ فهي ببساطة حاجة الفرد لأن يشعر بالانتماء إلى مجموعة عمل توليه الراعية اللازمة وتقدم له الدفء الاجتماعي الكافي. وتستطيع الإدارة إشباع هذه الحاجة لدى الموظف من خلال تفعيل دوره وإبرازه لدى جماعة العمل التي ينتمي إليها الفرد، وذلك من خلال الاحتفالات الخاصة أو الأنشطة الاجتماعية أو الرياضية وغيرها.
حاجة التقدير
ليس هناك عاقل يرى نفسه في غنى عن ‘حاجة التقدير’ فهي حاجة مهمة للفرد لأنه من خلالها يشعر بتقدير واحترام الآخرين في العمل. ويندر أن تجد أحدا لا يسعى إلى تحقيق حاجة التقدير من قبل العاملين معه أو رؤسائه. أما عن طريقة تقدير الإدارة للموظفين فيمكن أن تتم من خلال كلمات الشكر والثناء وخطابات التقدير والحوافز وما شابهها. ولا ننسى أن هذه الحاجة تفقد فعاليتها إذا لم تكن طريقة إشباعها ‘علانية’ كأن يكرم الموظف في احتفال خاص أو أن ترسل نسخا من رسائل الشكر والثناء إلى جميع الموظفين عبر البريد الإلكتروني أو لائحة الإعلانات الحائطية.
تحقيق الذات
‘تحقيق الذات’ هي الحاجة التي نسعى جميعا إلى تحقيقها في رحلة الحياة. فنحن نريد من تحقيق هذه الحاجة أن يطلق لقدراتنا العنان لإنجاز العمل بطريقة مبتكرة وكاملة بعيدا عن القيود. ويساعد المديرون المرؤوسين في إشباع هذه الحاجة المهمة من خلال إعطائهم مزيدا من السلطة والحرية وتشجيع محاولات الابتكار والإبداع، كي تكون أعمالهم ذات طابع خاص يميزهم عن الآخرين.
عدوى انعدام العدالة
شعور الفرد بانعدام العدالة امر لا يجب ان تتساهل فيه المنظمات. فانعدام العدالة في تقديم الحوافز المادية شعور ينتشر كالعدوى في العمل، ويعطي انطباعا سلبيا بان المديرين يظلمون مرؤوسيهم. وسيبقى الموظف ‘غير مرتاح’ لطريقة تعامل الادارة معه ويتحين الفرصة المناسبة للانتقال الى وظيفة اخرى. ولذا تلجأ بعض الشركات الخاصة – الحريصة على ارضاء موظفيها – الى البيوت الاستشارية المرموقة عالميا لتقييم وضع الشركة من حيث الرواتب والامتيازات المادية المختلفة ومقارنتها بالمنافسين، ومن ثم مصارحة الموظفين بحالتهم و’تعديل اوضاعهم المادية’ اذا لزم الامر ذلك، وهذا هو افضل حل لان في هذا التصرف ‘دعاية ايجابية’ لسمعة المنظمة في السوق، اي انها تعطي امتيازات جيدة مقارنة بالمنافسين، وذلك بشهادة طرف متخصص ومحايد. ولا ننسى انه مهما اغدقت الادارة على الموظف بالنعم فلن يحس بالرضا ما دام شعور بانعدام العدالة يساوره. وهنا دور الادارة العليا في تقديم علاج فوري وفعال لاي شكاوى يعرضها الموظف، فربما هناك من يشاركه هذا الشعور الصادق بانعدام العدالة في توزيع الحوافز.
جناحا المدير إلى عالم السعادة الوظيفية
لا يمكن ان يحلق المدير بمرؤوسيه نحو عالم الرضا الوظيفي ما لم يعط اعتبارا للحوافز المادية والمعنوية على حد سواء. وما اكثر المديرين الذين لا ينوعون ولا يغيرون من اساليب الحوافز التي يقدمونها لمرؤوسيهم. ومن مساوئ عدم تنويع الحوافز انه يشعر الموظف بالرتابة والملل، بطبيعة الحال، والجدول الآتي يشير الى بعض انواع الحوافز المادية والمعنوية:
أنواع الحوافز الفعالة
الحوافز المادية
المكافآت، العلاوات الجوائز القيمة، المنح، الدورات التدريبية، مكان لانتظار السيارة، توفير سكرتير، تذاكر سفر، تأمين صحي، تعليم الابناء، مسكن، حفلات التكريم، اشتراك في ناد صحي، قسائم شراء مخفضة او مجانية، بدل وقود، باقة زهور، اقامة مجانية بفندق، اشتراك في صحف او مجلات متخصصة، غداء جماعي مع المدير العام او الوزير او الوكيل، تمويل شخصي من غير فوائد.. الخ.
الحوافز المعنوية
عبارات التشجيع، عبارات الشكر، خطابات التقدير والشكر الرسمية، التبسم الصادق، التربيت على الكتف، منح اجازة مجانية بعد انجاز متميز، التصريح الصحفي باسم المنظمة، السماح بمغادرة الدوام قبل نهايته مكافأة لتحقيق انجاز جيد في الوقت المطلوب، اشراكه في الاجتماعات المهمة لسماع آرائه، تبني الآراء الجيدة.. الخ.
يترقب كثير من الموظفين -هذه الأيام- اللقاء المنتظر بينهم وبين مديرهم لتقييم أدائهم السنوي. ورغم أن هذا اللقاء المهم يستغرق حوالي 15 دقيقة، فان هناك عددا من المنظمات العربية (في القطاعين العام والخاص) التي لا تعير ‘تقييم أداء الموظفين’ اهتماما يذكر، وهو ما يجعل الموظف عرضة للعمل على وتيرة أداء واحدة، لأنه ليس هناك من يقيمه فيتساوى المجتهد والمقصر، الأمر الذي يؤدي إلى نشوء بيئة عمل غير صحية -مع مرور الزمن- لا ترقى إلى مستوى رضا الموظفين ولا الى توقعاتهم.
ويبدو أنه لقرب حلول موعد التقييم السنوي، بدأت تصلني رسائل عديدة عبر البريد الإلكتروني -في الأسابيع الماضية- تدور حول مسألة تقييم الأداء، ومنها من يشتكي من عدم العدالة في الترقيات الوظيفية والزيادات في الرواتب التي ليس لها أساس من التقييم الدوري المنصف، وإنما تخضع أحيانا لمزاجية" المدير! وقد فوجئت من خلال هذه الرسائل المتنوعة بأن هناك "شركات كبرى ومهمة" في القطاع الخاص لا تطبق نظام تقييم أداء الموظفين، لاسيما الشركات الصغرى، حيث يعتمد المدير على ذاكرته في تقييم الموظفين!
الشركات الاستشارية
ونظرا لأن الشركات الكبرى يمكن أن تستعين بالشركات الاستشارية المناسبة لإعداد التقييم الأمثل لتقييم الأداء، فإننا نود هنا تقديم نموذج عملي مصغر لتقييم الأداء يمكن للمدير في الشركات الصغيرة استخدامه في تقييم الأداء، وليس هناك مانع من أن تستخدم الشركات الكبرى في بداية الأمر فهو أفضل من عدم التقييم.
وما يميز النموذج أدناه أنه يتبع أحدث نظم تقييم الأداء من حيث إعطاؤه أهمية أكبر لنواتج أداء الموظف، ثم سلوك الموظف، وأقلها موضوعية تلك المتعلقة بالصفات الشخصية للموظف كما سنرى في النموذج المرفق.
يعد نموذج التقييم أعلاه أو ما يسمى "بقائمة معايير الأداء" من أوسع الطرق انتشارا، حيث يتمتع بشكله البسيط ومحتوياته المباشرة، وهو أيضا سهل الاستخدام. ويسعى هذا النموذج ببساطة إلى تحديد مدى توافر معايير التقييم في أداء الفرد. وعند جمع الدرجات يكون حاصل الجمع هو مستوى تقييم أداء الفرد، فلو حصل أحد الموظفين على تقدير جيد في جميع بنود المعايير فإن مجموع درجاته سوف يكون 76 في المائة. ولو حصل على تقدير ممتاز في جميع البنود سوف يحصل على 100 في المائة، وهلم جرا، ولكن الطبيعي أن يتفاوت تقييم كل فرد بحسب المعايير.
ملاحظات مهمة
من الأمور المستغربة التي نسمع عنها في بعض المنظمات العربية أن تحدد الإدارة سقفا لعدد الذين يستحقون تقديرا معينا، كالامتياز مثلا"! وهو أمر ليس له ما يبرره ما دام الموظفون ينتجون ويقدمون أفضل ما لديهم. وتطبيق هذه النظرية القاصرة يخل بمبدأ الإنتاجية إذ انه ما أن يتفوق عدد من الموظفين في أدائهم حتى يتقاعس الباقون، أو يفتر حماسهم لأنهم موقنون بأنهم لن يحصلوا على امتياز أو جيد جدا، خاصة إذا كان المدير يفضلهم لاعتبارات شخصية. ولذا كان على الإدارة مراعاة هذه المسألة وعدم حصر عدد الموظفين الذين يحصلون على تقدير معين، كي تزيد الإنتاجية.
بعض المديرين لا يبلغ الموظف بأي ملاحظات عن انخفاض أدائه، ويتركه على حاله، فعندما يحين وقت التقييم السنوي يفاجأ الموظف بأن مديره قد انهال عليه بسيل من الانتقادات اللاذعة التي لم يتوقعها الموظف، لأنه فسر سكوت مديره طوال العام على أنه راض عن أدائه. ولذا كان حريا بالمدير أن يوجه للمرؤوس خلال العام ملاحظاته، بطريقة لبقة كي يطور من أدائه، بدلا من أن يفاجأ في نهاية العام بأن أداءه كان دون المستوى فيؤثر ذلك سلبا على الزيادة في الراتب أو الترقية، في بعض الأحيان. وتجدر الإشارة إلى أن تأخير المدير ملاحظاته "حتى نهاية العام ليس في مصلحة المدير نفسه، إذ انه سيدفع ثمن تدني إنتاجية الموظفين طوال العام لأنه سوف يجد نفسه مضطرا إلى القيام، شخصيا، بمهمات وظيفية، كان من الأجدر أن يقوم بها الموظفون أنفسهم.
أفضل تقييم
ولضمان أفضل تقييم يفضل -في بعض الحالات- أن يقيم الموظف من قبل أكثر من مستوى رئاسي مثل الرئيس المباشر ثم الرئيس الأعلى من الرئيس المباشر، على أن تكون النسبة الأكبر من التقييم للرئيس المباشر نظرا لقربه من الموظف.
لابد أن يكون لتقييم الأداء أهداف واضحة ومحددة ومفيدة، مثل تحديد الحوافز، أو الترقيات وإلا فمن الأفضل عدم استخدامه كي لا يعطي نتائج عكسية.
ومن الملاحظات التي يتعين على المديرين مراعاتها، هي تجنب تطبيق نظرية "مرآة المدير". والمقصود بالمرآة هنا أن بعض المديرين عندما يقيمون أداء مرؤوسيهم فإنهم ينظرون إليهم كما ينظرون إلى صورهم في المرآة، حيث يتوقعون رؤية صورة طبق الأصل عنهم، فيخل ذلك بالتقييم وهو أمر ليس منطقيا، حيث انه ليس كل فرد يمكن بالضرورة أن يشبهنا في أمور عديدة كاهتماماتنا أو طريقة تعاملنا مع الآخرين أو سرعة إنجازنا أو درجة إتقاننا للعمل أو الدافعية للإنتاج والمبادأة لأنها أمور تتفاوت بطبيعة الحال بين الناس.
وأكثر ما يثير زوبعة في أروقة العمل غياب العدالة عند التقييم، كتفضيل امرأة على رجل أو طائفة على أخرى أو قبيلة على غيرها. فالمدير الذي يسمح لنفسه بالظلم أو بأن تميل نفسه لفرد على حساب آخر أو لحسناء متسيبة على موظف منتج سوف يأتي يوم ويعامل بالمثل فيذوق مرارة ما كان يصنع بالآخرين، والله سبحانه وتعالى "يمهل ولا يهمل’.
ماذا تفعل أثناء مقابلة تقييم الأداء؟
لكي يجني تقييم الأداء ثماره، لابد أن يراعي الموظفون أمورا عدة لضمان تجاوزهم دقائق التقييم وعدم الدخول مع مديرهم في صراعات أو خلافات هم في غنى عنها، وهذه الأمور كالآتي:
أيا كان المدير على حق أم على باطل فإن المرؤوس ليس لديه خيار أفضل من أن يلقي آذانا صاغية لكل بند من بنود التقييم يتوقف عنده المدير، وذلك من خلال إظهار الجدية والاهتمام بما يقوله المدير، حتى يفرغ المدير ما في جعبته من ملاحظات. ذلك أن تكرار المقاطعة من شأنه تعكير صفو اللقاء وربما يزيد من حدة التصعيد الذي يتسلل أحيانا إلى هذه اللقاءات السنوية.
من الأهمية بمكان أن يتذكر الموظف أن التقييم السنوي ليس ‘مناظرة سياسية’ تستدعي المواجهة بالحجة والتبريرات القاطعة بجميع أنواعها، وإنما هي ‘جلسة مصارحة’ بين المدير ومرؤوسه لوضع اليد على مواضع القصور وعلاجها.
الموظف الذكي هو الذي إذا ما أشار مديره إلى قصوره فإنه يقتنص هذه الفرصة للطلب من المدير (في نهاية المقابلة) أن يرسله إلى دورات تدريبية تطور هذه الجوانب لديه، ففي ذلك إظهار لجدية الموظف في تطويره لذاته، وهو أيضا أسلوب جيد لمواجهة النقد.
ليس في مصلحة الموظف أن يفرط في التفاؤل عند دخوله على مديره، وإنما يفضل أن يكون واقعيا وعادلا في تقييم نفسه، ويتوقع أن المدير لا بد أن تكون لديه ملاحظات وهي ليست شخصية وإنما تصب في مصلحة الموظف أولا وأخيرا، فهو الذي سيتطور وليس المدير لأن المدير يمكنه التعامل مع موظف آخر لديه الرغبة الصادقة في تطوير نفسه ويتمتع برحابة صدر في حسن الاستماع إلى النقد والاستفادة منه بإيجابية.
هناك مقولة شائعة ان الموظف في القطاع الحكومي لا يمكن لأحد ان يفصله من عمله، وهي مقولة غير صحيحة ‘جملة وتفصيلا’. فالقانون الكويتي يعطي للمسؤولين في القطاع العام (الحكومي) الحق في فصل اي موظف يرتكب اخطاء محددة، والحال نفسها تنطبق على الموظفين في القطاع الخاص.
فصل الموظفين امر لا يحبذه المدير ولا حتى الموظف ولكن الاول يلجأ اليه مضطرا لأن ‘آخر الدواء الكي’ كما يقال.
وحول الاخطاء التي ينجم عن ارتكابها فصل الموظف في القطاع العام يقول المحامي فهد البسام: ان القانون الكويتي ينص على انه اذا حصل الموظف ‘على ثلاثة تقارير، خلال سنة، بأنه ضعيف اعتبر مفصولا من الخدمة’. وليس هذا فحسب فإن الموظف الذي يحصل على ‘تقرير نهائي بأنه ضعيف في الاداء يحرم من اول علاوة دورية او ترقية تستحق له، ويستمر هذا حتى يحصل على تقرير جيد من مديره المباشر’ على حد قوله.
ويضيف البسام ان الموظف في القطاع الحكومي ‘ليس بمنأى عن الفصل من عمله’، خصوصا اذا كان الامر يتعلق بمسألة تسيبه في الحضور المنتظم الى العمل. فبحكم قانون الخدمة المدنية في الكويت: ‘اذا بلغ الانقطاع عن العمل خمسة عشر يوما متصلة او ثلاثين يوما غير متصلة في خلال اثني عشر شهرا اعتبر (الموظف) مستقيلا بحكم القانون’.
وعندما سألنا البسام عن رأيه فيما يردده البعض من ان الدستور الكويتي يحمي الموظف من الفصل قال: ‘لا يعقل ان يشجع دستور الكويت الموظفين على التسيب’ مضيفا ان ‘الدستور يضع العموميات وحقوق المواطنين والمقيمين وواجباتهم، ويترك الجزئيات للقوانين التي ليس فيها ما يمنع المسؤولين من فصل اي موظف يعمل لديهم’ سواء كان في القطاع الحكومي او في القطاع الخاص.
اذا ان القانون الكويتي لم يحرم فصل الموظفين المتسيبين الذين لا يؤدون اعمالهم على الوجه المطلوب ويخالفون اللوائح والنظم، وهي رسالة واضحة الى جميع الموظفين كي ‘يجدوا ويجتهدوا’ لينفعوا انفسهم ومجتمعهم.
موظفو الشركات الخاصة
اما الموظفون في القطاع الخاص فهم بلا شك معرضون لقرارات الفصل مثلهم مثل نظرائهم في القطاع الحكومي. ولكن بعض المديرين في القطاع الخاص ربما يتعسفون في استخدام حقهم في فصل الموظف، عندما يفسرون احد بنود قانون العمل في القطاع الاهلي الذي يجيز لصاحب العمل (او المدير) فصل الموظف الذي يرتكب ‘خطأ تسببت عنه خسارة جسيمة لصاحب العمل’ وهي جملة فضفاضة – نوعا ما – يمكن ان يستغلها البعض في توقيع عقوبة الفصل على الموظف، لأي تصرف يعتبرونه جسيما.
ويمكن أيضا ان يعاقب الموظف بالفصل ‘اذا تغيب بدون سبب مشروع أكثر من سبعة ايام متتالية’ بحسب القانون الكويتي. لا سيما انه ينال جزاء الفصل ايضا اذا اعتدى على احد زملائه او على صاحب العمل او من ينوب عنه اثناء العمل او بسببه.
هناك حالات اخرى تجيز فصل الموظف من عمله في القطاع الخاص (كما هو مبين ادناه)، ولكن تبقى مسألة الفصل خاضعة للائحة الجزاءات المعتمدة في الشركة او المؤسسة، اما قانون العمل في القطاع الاهلي (الخاص) فأراد توضيح الامور العامة التي يفصل على اساسها الموظف، وترك للشركات او اصحاب الاعمال حرية وضع لائحة الجزاءات المناسبة، قبل الوصول الى عقوبة فصل الموظف من عمله.
الفصل أم الاستقالة؟
في معظم قوانين العالم، يكون فصل الموظف بيد المسؤول، وله ان يوقعه وقتما ثبت له بالدليل القاطع ان الموظف قد ارتكب احد الاخطاء التي تستلزم فصله من عمله، غير اننا نرى انه من الاهمية بمكان ان يتدخل المدير بيده الرحيمة واخلاقياته الرفيعة، فيطلب من الموظف ان يقدم استقالته طواعيته بدلا من ان يفصل، لما للفصل من تأثير سلبي ونفسي كبير على الموظف وعلى اسرته. ندعو الى هذا الامر لأننا في المجتمعات العربية لا يمر علينا ‘خبر فصل موظف’ مرور الكرام، وانما يصبح حديث الساعة، خصوصا اذا كان الموظف معروفا او ذا شأن في عمله، وعليه فإنه من الافضل ان يوجه المسؤول للموظف المخطئ درسا في الاخلاق، كأن يؤكد له أن القانون او اللوائح الداخلية للعمل تحتم فصله جراء ما اقترفته يداه، ولكنه سوف يتجاوز عنه بأن يطلب من الموظف نفسه ان يتقدم طواعية باستقالته، قبل ان يشم الموظفون – وربما العامة – رائحة خطيئته التي اوقعته في اسوأ عاقبة وهي الفصل من العمل.
ونحن عندما علمنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ان نتحلى بالاخلاق السامية، وان نمارس الصفح عن المخطئ لم يستثن العمل من ذلك، وانما قصد سائر شؤون حياتنا. ونحن لا ندعو الى التستر او التغاضي عن ‘مشكلة كبيرة’ وقع فيها الموظف كسرقة مال المؤسسة مع سبق الاصرار والترصد او الاعتداء على زميل في اثناء تأدية عمله، مثلا، وانما ندعو الى تجاوز ‘ما يمكن تجاوزه عن الموظفين’ واعطائهم فرصة اخرى اما ليحسنوا من ادائهم، بعد توجيه العقوبات المعمول بها (تصاعديا) واما ان يطلب المديرون منه الاستقالة حفظا لماء وجهه لأنه لا يعقل ان يستمر في وظيفة ثبت انه خان الامانة فيها. ولنتذكر ان الله سبحانه وتعالى ‘يغفر الذنوب جميعا’ فحري بنا ان نمارس خلق الصفح عمن اساء، وهو خلق يعاملنا به خالقنا الغفور الرحيم. وكلنا نعلم ان كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
ندعو المدير الذي يصر على فصل موظف ـ كان يمكن التجاوز عنه ـ الى التريث قليلا والتأمل في حال الموظف امام اسرته واطفاله الذين يرونه مثالا يحتذى. ورحم الله المتجاوزين عن المخطئين فقد يكون التجاوز ابلغ تأثيرا من قرار الفصل الذي قد يولد حالة من التمرد او الرغبة في الانتقام، ليست في مصلحة الموظف ولا اسرته ولا مجتمعه.
العقوبات التأديبية على موظفي ‘العام’
بحسب المادة 60 من قانون الخدمة المدنية فإن ‘العقوبات التي يجوز توقيعها على الموظفين هي:
1 ـ الإنذار.
2 ـ الخصم من المرتب لمدة لا تزيد على خمسة عشر يوما في المرة الواحدة ولا يتجاوز تسعين يوما خلال اثنتي عشر شهرا.
3 ـ تخفيض المرتب الشهري بمقدار الربع لمدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تجاوز اثنتي عشر شهرا عن المخالفة الواحدة.
4 ـ خفض الدرجة الى الدرجة الادنى مباشرة ويحدد القرار الصادر بتوقيع العقوبة الاقدمية في هذه الدرجة ومرتب الموظف فيها.
5 ـ الفصل من الخدمة.
العقوبات التأديبية على قياديي ‘العام’
تنص المادة 60 ايضا من قانون الخدمة المدنية على انه ‘لا توقع على شاغلي مجموعة الوظائف القيادية إلا إحدى العقوبات التالية:
أ ـ التنبيه كتابة من الوزير
ب ـ اللوم.
ج ـ الفصل من الخدمة
فصل الموظف في القطاع الخاص
لصاحب العمل ان يفصل العامل من دون إعلان ومن دون مكافأة في الاحوال الآتية:
أ ـ اذا ارتكب خطأ تسببت عنه خسارة جسيمة لصاحب العمل.
ب ـ إذا تكررت مخالفته لتعليمات صاحب العمل، فيما عدا الحالات التي تقتضيها سلامة العمال او أمن العمل، فهذه في بعض الاحوال لا يشترط فيها التكرار ويراعى في كل ذلك ما جاء بلائحة الجزاءات المعتمدة.
ج ـ إذا تغيب من دون سبب مشروع اكثر من سبعة أيام متتالية.
د ـ إذا حكم عليه في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الاخلاق.
ه ـ إذا ارتكب عملا مخلا بالآداب في مكان العمل.
و ـ إذا وقع منه اعتداء على أحد زملائه او على صاحب العمل او من ينوب عنه أثناء العمل او بسببه. مع مراعاة ما جاء بلائحة الجزاءات المعتمدة.
ز ـ إذا اخل او قصر في اي من الالتزامات المفروضة عليه بنصوص العقد واحكام هذا القانون
ح ـ اذا ثبت ان العامل قد ادخل غشا ليحصل على العمل.
ج ـ اذا افشى العامل الاسرار الخاصة بالمحل الذي يعمل فيه.