تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الْأَمْر بِالْمَعْرُوْف وَالْنَّهْي عَن الْمُنْكَر

الْأَمْر بِالْمَعْرُوْف وَالْنَّهْي عَن الْمُنْكَر

بسم الله الرحمان الرحيمو الصلاة و السلام على أشرف المرسلين

( ) ، الْكَلِمَات الْأَرْبَعَة مُتَقَابِلَات ، أَمَرٌ يُقَابِلُه نَهْيٌ ، وَمَعْرُوْفٌ يُقَابِلُه مُنْكَر فَالأَمْر ط¨ظگط§ظ„ظ’ظ…ظژط¹ظ’ط±ظڈظˆظ’ظپ سَابِقٌ دَائِماً فِي الْذِّكْر سَوَاءٌ فِي الْقُرْءَان أَو فِي الْسُّنَّة عَلَى الْنَّهْي عَن ط§ظ„ظ’ظ…ظڈظ†ظ’ظƒظژط± لِأَن هَذَا يُدُّّلُنا عَلَى أَن الْلَّه- عَز وَجَل- لِّمَا خَلَق الْخَلْق خَلَقَهُم عَلَى الِاسْتِقَامَة لَا اعْوِجَاج وَلَا انْحِرَاف ، كَمَا قَال ﷺ فِي حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَة قَال:" كُلُّ مَوْلُوْدٍ يُوْلَد عَلَى الْفِطْرَة فَأَبَوَاه إِمَّا يُهَوِّدَانِه أَو يُنَصِّرَانِه أَو يُمَجِّسَانِه "
لِمَاذَا لَم يَقُل الْرَّسُوْل ﷺ أَو يُسَلِّمَانِه:،وَلَم يَقُل (أَو يُسَلِّمَانِه) لِأَن الْفِطْرَة هِي الْإِسْلَام فَيَكُوْن كُل مَوْلُوْدٍ يُوْلَد عَلَى الْفِطْرَة: ( أَي كُل مَوْلُوْد يُوْلَد عَلَى الْإِسْلَام)، فَأَبَوَاه إِمَّا يُهَوِّدَانِه فَنَقَلُوه عَن أَصْل الْخِلْقَة ، وَهَذَا هُو ط§ظ„ظ’ظ…ظڈظ†ظ’ظƒظژط± الَّذِي حَدَث ، فَالْمَعْرُوْف مُتَقَدِّم وَهُو أَن الْلَّه- عَز وَجَل- خَلْق الْنَّاس عَلَى الْتَّوْحِيْد ، لَيْس فِيْهِم شِرْك ، كَمَا قَال رَبُّنَا- عَز وَجَل-:﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾(الأعراف:172)
َأَقْدَم الْمَوَاثِيْق الَّتِي أُخِذْت عَلَى بَنِي أَدَم مِيْثَاق الْعُبُوْدِيَّة, وَهُم فِي عَالَم الذَّر : كَمَا قَال- ﷺ مُوَضِّحا هَذِه الْآَيَة:" إِن الْلَّه- عَز وَجَل- لِمَا خَلَقَ أَدَم مَسَح ظَهْرَهُ بِيَدِه فَاسْتَخْرَج مِن ظَهْرِه كُلَّ نَسَمَة هُو خَالِقُهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثُم خَاطَبَهُم أَلَسْت بِرَبِّكُم قَالُوْا بَلَى جَمِيْعاً " لَم يَشُذ عَنْهُم أَحَد .﴿شَهِدْنَا﴾ أَي أَنَّك رَبُّنَا ، فَقَال الْلَّه- عَز وَجَل- لَهُم:﴿أَنْ تَقُولُوا﴾الْعِلَّة الَّتِي مِن أَجْلِهَا تَقَدَّم ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± ط¨ظگط§ظ„ظ’ظ…ظژط¹ظ’ط±ظڈظˆظ’ظپ ظˆظژط§ظ„ظ’ظ†ظژظ‘ظ‡ظ’ظٹ عَن الْمُنْكَر: أَي لِئَلَّا تَقُوْلُوْا:﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ فَأَشْهَدَهُم عَلَى أَنْفُسِهِم أَنَّهُم عِبَاد لِلَّه- تَبَارَك وَتَعَالَى- .فَإِذا ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± ط¨ظگط§ظ„ظ’ظ…ظژط¹ظ’ط±ظڈظˆظ’ظپ مُتَقَدِّم عَلَى ذِكْر الْنَّهْي عَن ط§ظ„ظ’ظ…ظڈظ†ظ’ظƒظژط± لِأَجْل هَذِه الْعِلَّة ، أَمَّا الْمُنَافِقُوْن فَيَعْكِسُون ، ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ ﴾(التوبة:67) وَسَنَذْكُر هَذَا فِي جُمْلَة كَلَام يَأْتِي بَعْد ذَلِك إِن شَاء الْلَّه تَعَالَى .الْأَمْر .
الْدِّيْن كُلِّه أَمَر وَنَهْي : وَالْنُّصُوص الْشَّرْعِيَّة كُلُّهَا فِي الْقُرْءَان وَالْسُّنَّة تَدُوْر عَلَى خَمْسَة مُحَاوِر لَيْس لَهُم سَادِس ، إِلَا مَا كَان مُصْطَلَحاً لِلأَحْنَاف وَهُو مُصْطَلَح ، أَي لَن نَتَعَرَّض لَه لِأِن هَذَا لَيْس مَجَالُه.
دَرَجَات الْأَوَامِر وَالَنَّوَاهِي: وَالْأَمْر يَنْتَظِم تَحْتَه ثَلَاث دَرَجَات ، * الدرجة الأولي إِمَّا أَن يَكُوْن أَمْر إِيْجَاب ،* الدرجة الثانية أَو أَمْر اسْتِحْبَاب ، * الدرجة الثالثة أَمْر إِبَاحَة هَذِه أَصْنَاف الْأَوَامِر الَّتِي هِي تَأْتِي بِصِيَغَة افْعَل , ظˆظژط§ظ„ظ’ظ†ظژظ‘ظ‡ظ’ظٹ يَنْتَظِم تَحْتَه دَرَجَتَان ، *حَرَامٌ ،* وَمَكْرُوْه , فمَعْنَى ذَلِك أَن ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± ط¨ظگط§ظ„ظ’ظ…ظژط¹ظ’ط±ظڈظˆظ’ظپ ظˆظژط§ظ„ظ’ظ†ظژظ‘ظ‡ظ’ظٹ عَن ط§ظ„ظ’ظ…ظڈظ†ظ’ظƒظژط± تَشْمَلُه الْأَحْكَام الْشَرْعِيَّة الْخَمْسَة ،( فَقَد يَجِب أَحْيَاناً ، وَقَد يُسْتَحَب أَحْيَاناً وَقَد يُبَاح أَحْيَاناً وَقَد يَحْرّمُ أَحْيَاناً ، وَقَد يُكْرَه أَحْيَاناً)، وَهَذَا الْكَلَام إِنَّمَا يَرْتَبِط بِالْمُنْكِرِين أَنْفُسِهِم وَمَا عِنْدَهُم مِن الْعِلْم كَمَا سَنُفَصِّلُه بَعُد ذَلِك إِن شَاء الْلَّه تَعَالَي تَعْرِيْف أَمَر الْوُجُوْب: مَا طَلَب فَعَلَه مِن الْمُكَلَّف عَلَي سَبِيِل الْحَتْم وَالْإِلْزَام ، أَمَرَك الْلَّه- عَز وَجَل- ، أَمَرَك الْنَّبِي- ﷺ – ، أَمْرِك مَن فَوْقَك ، فَهَذَا أَمْر إِيْجَاب لَا اخْتِيَار لَك فِيْه
الْأَوَامِر مِن جِهَة الْآمِر عَلَى ثَلَاثَة أَنْحَاء:وَكَمَا قُلْنَا قَبْل ذَلِك الْأَوَامِر تَكُوْن عَلَى ثَلَاثَة أَنْحَاء مِن جِهَة الْآمِر:-*أَمْرٌ مِن فَوْق إِلَى تَحْت .*وَأَمَرٌ مِن تَحْت إِلَى فَوْق *وَأْمُرٌ الْنَّظِيْر مَع الْنَّظِيْر ، أَو الْنَّد مَع الْنَّد .
طَبِيْعَة الْأَوَامِر الَّتِي مِن فَوْق إِلَى تَحْت: طَبِيْعَتِهَا الْإِلْزَام وَالْوُجُوْب لِأَن الَّذِي يَأْمُر الْجِهَة الْعُلْيَا وَأَنْت لَا اخْتِيَار لَك ، فَإِذَا أَمَرَك الْلَّه- عَز وَجَل- بِأَمْرٍ ، أَو أَمَرَك الْنَّبِي- ﷺ – بِأَمْرٍ فَالْأَصْل فِي ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± أَنَّه يُفِيْد الْحَتْم وَالْإِلْزَام لَا اخْتِيَار لَك فِيْه لَا تَسْتَطِيْع أَن تَقُوْل لَا ، لِأَن ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± جَاء مِن فَوْق ، مِثَال ذَلِك:: (وَأَقِيْمُوْا الْصَّلاة )(وَآَتُوا الْزَّكَاة )، هَذَا أَمْر إِيْجَاب.
طَبِيْعَة الْأَوَامِر الَّتِي مِن تَحْت إِلَى فَوْق: أَو ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± مِن تَحْت إِلَى فَوْق مِثَال ذَلِك:عِنْدَمَا نَدْعُوَا الْلَّه- عَز وَجَل- فَأَقُوْل( رَبِّي اغْفِر لِي ) مِثْل: ( أَقِم الصَّلَاة ،) ( أَقِم): فِعْل أَمْر (وَاغْفِر) فِعْل أَمْر ، لَكُن الَّذِي قَال لِي: أَقِم الْصَّلاة رَب الْعَالَمِيْن- تَبَارَك وَتَعَالَى- الْجِهَة الْعُلْيَا الَّتِي فَوْق ، فَكَان ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± عَلَى سَبِيِل الْوُجُوْب ، لَيْس لَك اخْتِيَار فِيْه لَابُد أَن تُنَفِّذ فَأَنَا لِمَا اسْتُخْدِمَت فَعَل ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± وَأَنَا مِن تَحْت أَدْعُوْ رَب الْعَالَمِيْن ، هَل هَذَا فِعْل أَمْر آَمُر رَبَّنَا- سُبْحَانَه وَتَعَالَى- ؟ لَا ، هَذَا عَلِي سَبِيِل الْتَّضَرُّع وَالتَّذَلُّل .
وَالْأَمْر مِن الْنَّد لِلْنَّد: الْطَّلَب .فَنَحْن لِمَا نَأْتِي وَنَرَى جِهَة الْآمِر ، نَقُوُل ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± مِن الْلَّه- عَز وَجَل- وَمِن الْرَّسُوْل- ﷺ – يُفِيْد الْوُجُوْب ، أَو يُفِيْد الِاسْتِحْبَاب إِن كَان فِيْه قَرِيْنَة
مَالَّذِي يَدُل عَلَي أَن ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± يُفِيْد الِاسْتِحْبَاب مَع الْدَّلِيل: أَو يُفِيْد الِاسْتِحْبَاب إِن كَان فِيْه قَرِيْنَة, الدليل:كَمَا قَال الْلَّه- عَز وَجَل-:﴿ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ﴾ (النور:33) ، فَخَيْر أَو جَعَل الْمَسْأَلَة مَنُوْطَة بِعِلْمِك أَنْت ، إِن عَلِمْت فِيْهِم خَيْرا كَاتِبَهُم ، وَإِن لَم تُعْلَم خَلَاص وَكَقَوْلِه- ﷺ -:" صَلُّوْا قَبْل الْمَغْرِب ، صَلُّوْا قَبْل الْمَغْرِب ، صَلُّوْا قَبْل الْمَغْرِب ، ثُم قَال: لِمَن شَاء " ، فَجَعَل الْمَسْأَلَة مَنُوْطَة بِالْمُكَلَّف ، وَهَذِه الْمَسْأَلَة دَاخِلَة فِي بَاب الاسْتِحْبَاب أَو الْمَشْرُوْعِيَّة .
الْدَّرَجَة الْثَّالِثَة مِن ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± الْإِبَاحَة: أَن يَسْتَوِي طَرَفَاه ، تَفْعَل أَو لَا تَفْعَل .
الْخُلَاصَة أَن دَرَجَات ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± ثَلَاثَة:الْدَّرَجَة الْأَوَّلِي: الْوُجُوْب لَازِم تَفْعَل وَإِلَا تُعَاقِب الْدَّرَجَة الْثَّانِيَة: الِاسْتِحْبَاب يُسْتَحَب لَك أَن تَفْعَل فَإِن لَم تَفْعَل لَا تُعَاقِبالْدَّرَجَة الْثَّالِثَة: مَا اسْتَوَي طَرَفَاه اسْتَوَي الْفِعْل مَع الْتَّرْك ، وَهُو الَّذِي يُسَمُّوْنَه الْجَوَاز ، يَقُوْل هَذَا جَائِز ،﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾(البقرة:187) ، هَذَا أَمْر إِبَاحَة . الْحَرَام عَكْس الْوُجُوْب ، مَا طُلِب تَرَك فَعَلَه مِن الْمُكَلَّف عَلَى سَبِيِل الْحَتْم وَالْإِلْزَام ﴿ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾(الإسراء:32) ، ﴿ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ﴾(الأنعام:151) ، وَهَكَذَا ,إِذا ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± ط¨ظگط§ظ„ظ’ظ…ظژط¹ظ’ط±ظڈظˆظ’ظپ أَمْر بِمَعْرُوْف ، عَرَفْنَا مَا هُو ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± ، وَعَرَّفَنَا مَا هُو الْنَّهْي ، يُبْقِي الْمَعْرُوْف وَالْمُنْكَر .
الْمَعْرُوْف: هُو كُل مَا أَحَبَّه الْلَّه تّعالَي مِن الْأَفْعَال وَالْأَقْوَال ، وَمَا اجْتَمَع عَلَى مَحَبَّتِه وَالْثَّنَاء عَلَيْه وَتَرَك الْإِنْكَار عَلَيْه الْمُؤْمِنُوْن .
الْمُنْكَر: عَكْس ذَلِك .هَذِه مَاهِيَّة الْمَوْضُوْع ، أَصْل الْمَوْضُوْع ط§ظ„ظ’ط£ظژظ…ظ’ط± ط¨ظگط§ظ„ظ’ظ…ظژط¹ظ’ط±ظڈظˆظ’ظپ ظˆظژط§ظ„ظ’ظ†ظژظ‘ظ‡ظ’ظٹ عَن ط§ظ„ظ’ظ…ظڈظ†ظ’ظƒظژط± ، إِنَّمَا هُو كَذَلِك .

4 أفكار بشأن “الْأَمْر بِالْمَعْرُوْف وَالْنَّهْي عَن الْمُنْكَر”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.